للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ظهر لك بما ذكرناه: أن ما ادعاه الرافعي، لم يسلم من منازعة.

وكذا ما ذكره من الاعتماد على النكول فيه منازعة، لأن المذهب- كما قال الإمام في كتاب الوديعة فيما إذا ادعى المودع التلف، ونكل عن اليمين-: أن المالك يحلف على نفي العلم، وأن من أصحابنا من يكلفه جزم اليمين، لأن من الممكن أن يطلع على بقاء العين في الوقت الذي ادعى المودع تلفها، وإذا كان هذا ممكنًا، فجزم اليمين ممكن.

ولو لم يغلب على ظنه صدق أبيه فيما كتبه، فإن كان مع غلبة الظن بالكذب لم يجز الإقدام على اليمين، وإن احتمل الصدق والكذب على السواء، فالذي يظهر [أن] يقال: إن الحكم كذلك.

وفي ((النهاية)) في كتاب الوديعة: أن المودع لو ذكر أن الوديعة تلفت في يده، ومات قبل أن يحلف- فالوارث يخلفه في اليمين، إذا غلب على ظنه صدقه، أو علمه.

ولو استوى عنده احتمال الصدق والكذب ففيه خلاف.

ووجه الجواز: اعتضاد اليمين ببراءة ذمة الوارث، وسلامة التركة [له]، وهذا التوجيه لا يحسن في مسألتنا مطلقًا، فلذلك قلت: لا يتجه التحليف.

ومما يؤيد ذلك أن القاضي الحسين قال قبيل باب ما يجب على المرء من القيام بالشهادة-: قال أصحابنا: إنما يحلف [علي] أن له عليه ذلك الذي رآه بخط أبيه، إذا كان لو وجد بخط أبيه: أن لفلان عليه كذا يصدق، ولا يرضى لنفسه أن يحلف على نفيه، وقال: إن القفال قال لأجل ذلك: إذا رأى بخط أبيه: أن لفلان عليه كذا، وكان أبوه من الأمانة عنده بحيث لو رأى بخطه أن له على الغير مالًا يستجيز أن يحلف عليه للاستيفاء- فلا يجوز له في مسألتنا الحلف، وإلا فيجوز.

تنبيه: كلام الشيخ مصرح بأنه إذا حلف على نفي فعل الغير، يحلف على [نفي] العلم، ويقتضي أنه لا فرق في ذلك الغير بين أن يكون موروثًا أو عبدًا له، وهو ما صرح به القاضي أبو الطيب وابن الصباغ، ولم يحكيا غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>