وحكى الرافعي أنهم قالوا: لا يجوز أخذ الأجرة على الأداء، لأنه فرض.
وقال القاضي الحسين: لأنه التزمه لما تحمل، فلزمه إيفاؤه.
قلت: وعلى هذا إذا وقع بصره اتفاقًا على ما يشهد به، وقلنا بالتعين عليه فقد نقول: له الأخذ، لفقد العلة.
قال الرافعي: وقد يوجه بأنه كلام يسير لا أجرة لمثله.
قال القاضي الحسين في ((تعليقه)) - وحكاه الإمام عنه-: نعم، لو طلب أجرة مركوب إذا كان القاضي على مسافة يؤويه الليل، أخذها، وتكون أجرة عما يقطعه من المسافة، لا على أداء الشهادة- قال الإمام: وهو مشكل عندي، فإن المشي إذا لم يكن مستحقًا، فليس عليه أن يمشي، وإن كان مستحقًا فأخذ الأجرة على المشي بعيد.
نعم، له أن يقول: اكفني المشقة بإحضار مركوب. وهو الذي رأيت الطرق مشيرة إليه، وفيه- أيضًا- مجال للنظر، فإنه الذي ورط نفسه في ذلك.
قال الرافعي: إن الغزالي أطلق القول بأن له طلب أجرة المركوب من غير فرق بين أن يكون القاضي معه في البلد أو لا، لكنه على [ما حكى] الإمام وصاحب ((التهذيب)) مخصوص بما إذا لم يكن معه في البلد، بل كان يأتيه من مسافة العدوى فما فوقها، فأما إذا كان معه في البلد فلا يأخذ شيئًا.
وضم في ((التهذيب)) نفقة الطريق إلى أجرة المركوب، وحكى وجهين فيما لو دفع إليه شيئًا، ليصرف في ذلك، هل له أن يصرفه إلى غرض آخر، ويمشي راجلًا، وهما كالوجهين فيما إذا دفع إلى فقير شيئًا، وقال: اشتر به لنفسك ثوبًا، هل له صرفه إلى غير الثوب؟
قال الرافعي: والأشهر: الجواز، وبه أجاب الغزالي.
وقال القاضي الحسين: إنه الظاهر من المذهب.
ثم قال الرافعي: وقضية قولنا: إنه يطلب الأجرة إذا دعي للتحمل- أن يطلب