الجراحات مما يطلع عليه الرجال غالبًا، وهذا ما أشار إليه الأصحاب عند الكلام مع الإمام مالك في منع شهادة الصبيان على الجراحات.
وادعى القاضي أبو الطيب ثم الإجماع على ذلك.
[ثم] قال البندنيجي والبغوي: فإن كان ذلك الجرح مما يوجب القود فلا يثبت إلا بعدلين ذكرين، وإن كان لا يوجب القود ثبت بشاهدين، وشاهد وامرأتين، وشاهد ويمين.
واعترض الرافعي على ما ذكر من العلة بأن جنس العيب- أيضًا- مما يطلع عليه الرجال غالبًا، وإنما الذي لا يطلعون عليه العيب الخاص، وكذلك الجراحة الخاصة.
أما الرضاع من لبن حلب في آنية، ففي ((التتمة)) في كتاب الرضاع: أنه لا يثبت إلا بشهادة رجلين، لأن هذا مما لا يختص النساء بالاطلاع عليه.
نعم، الشهادة على [أن] اللبن المحلوب في الأواني من لبن هذه المرأة تقبل فيه شهادتهن، لأن الرجال لا يطلعون على حلب اللبن في الغالب.
وقد أغرب في [آخر] كتاب الشفعة فقال إذا أخبر الشفيع نسوة بالبيع: إن ذلك ينبني على أن النسوة هل تقبل شهادتهن على الانفراد أم لا؟ إن قلنا: تقبل، فهو كما لو شهد عدلان، وإن قلنا: لا تقبل، فهو كما لو شهدت امرأة واحدة.
ولعل ما ذكره محمول على ما تقبل شهادتهن منهن على وجه التبعية، كما حكيناه عن الماوردي في باب اللقيط فيما إذا ادعى رجل رقه: أنه تسمع شهادة أربع نسوة بالولادة في ملكه، وتكون شهادتهم بملك الأم عند الولادة [مقبولة تبعًا للشهادة بالولادة].
والعبوب في الوجه والكفين من النساء، ادعى الماوردي في باب شهادة النساء: أنه لا [تقبل] فيها إلا شهادة الرجال دون النساء إجماعًا، ولم يفصل بين الحرة والأمة، وقد صرح به القاضي الحسين فيهما، ووافقهما البغوي على ذلك في