والخلاف جارٍ فيما لو كانت النجاسة في أحد كميه واشتبه عليه، وقلنا: يجوز الاجتهاد فيهما، فاجتهد، فأدى اجتهاده إلى نجاسة أحدهما، فغسله- فهل يصلي في الثوب أم لا؟ حكاه القاضي الحسين وغيره، واختار الشيخ أبو محمد فيهما المنع، واختار الصيدلاني الجواز، قال الإمام: وهو الظاهر عندي.
[الثالث:] إذا اجتهد، ولم يغلب على ظنه طهارة واحد منهما، فإن أمكنه تطهير أحدهما، لزمه.
وفي "التتمة" وجه آخر: أنه لا يلزمه؛ لأنه لا يتحقق نجاسة ما يغسله، وتكليفه غسل ما لا يتحقق نجاسته إضرار به.
وإن لم يمكن غسل واحد منهما، صلى عرياناً، وأعاد؛ لأنه صلى ومع ثوب طاهر بيقين؛ قاله ابن الصباغ.
وحكى المتولي معه وجهاً آخر: أنه يصلي في أيهما شاء، ويعيد.
وقال الماوردي: إن مذهب المزني: أنه يصلي في أحدهما، ويعيد في الآخر- قد ساعده عليه بعض الأصحاب في هذا الموضع، ولو فعل ذلك أجزأه على مذهب الشافعي- أيضاً- وإن كان لا يوجبه عليه، وفيه نظر؛ لما أسلفناه عن غيره.
قال: وإن خفي عليه موضع النجاسة في الثوب غسله كله؛ لأن أثر غلبة الظن الحاصل من الاجتهاد إنما هو في دفع المانع العارض للسبب الأصلي المقتضي للطهارة، وإذا زال المانع عمل السبب الأصلين والثوب الواحد زال عنه اليقين بتحقق النجاسة، ولم يبق فيه أصل يرجع إليه بعد الاجتهاد، وطهارة موضع منه لا تفيد غلبة الظن والطهارة فيما عداه.
نعم: إذا كانت النجاسة في أحد كميه، واشتبه عليه، فهل يتحرى فيهما؟ فيه وجهان، المختار في "المرشد" منهما: الجواز.
قال الماوردي: وعلى الوجهين يتخرج ما إذا أخبره شخص بوقوع النجاسة في أحدهما، هل يجوز له قبول خبره؟ إن قلنا: لا يجوز الاجتهاد، فلا يجوز، وإلا فيجوز.
والوجهان في الأصل جاريان- كما قال القاضي الحسين- فيما لو أصاب أحد