[بالإشاعة] من غير تكثير، فإن التواتر إذا كان لا يوجب العلم بالباطن، وهو العلم حقًا، فالعماد أمر يرجع إلى العادة في إثارة غلبات الظنون، وهذا يكفي فيه الإشاعة وعدم التكثير.
وعلى هذا قال في ((البحر)): إذا تظاهر الخبر: إن كان من رجال ونساء، وصغار وكبار، وأحرار وعبيد- فهو الأوكد، لامتزاج من تصح شهادته بمن لا تصح.
ولو انفرد النساء والعبيد، صح به تظاهر الخبر، لقبول خبرهم.
ولو انفرد به الصبيان مع اختلاف أحوالهم، وشواهد الحال بانتفاء التصنع والمواطأة- احتمل في صحة التظاهر بهم وجهان.
وفي ((تعليق)) القاضي أبي الطيب: أنه سئل في الدرس عما إذا سمع من واحد، وسكن إلى قوله، هل يجوز له أن يتحمل الشهادة على ذلك، أم لا؟ فقال: يحتمل أن يقال: يجوز، لأن الاعتبار بما يسكن إليه قلبه، ويغلب على ظنه، وقد حكاه في ((المهذب)) وجهًا، وكذلك أبو الفرح السرخسي، وبه يحصل في المسألة- إن صح حمل النص على ما قاله ابن يونس- أربعة أوجه، وعليها يتخرج ما إذا أخبر شخص بأن هذه المرأة المنتقبة فلانة [بنت فلان]، ولم يكن يعرفها، ولا كشفت عن وجهها، وطلب منه أن يتحمل عليها أو لها شهادة، ويؤديها في غيبتها، فإن كان المخبر له عدد التواتر، انبنى جواز ذلك على خلاف الأصحاب في أن من شرط الاستفاضة تكرار الأخبار، وامتداد مدة السماع أو لا يشترط ذلك، ويكفي أن يخبر الشاهد جماعة لا يرتاب في صدقهم دفعة واحدة؟
فإن قلنا بالأول، وهو الذي أورده كثيرون- كما قال الرافعي، [و] منهم الروياني فإنه قال: الملك المطلق يثبت بسماع الخبر الشائع على اختلاف أحوالهم يقولون: هذه الدار لفلان، وهذه الدابة لفلان، ويتكرر ذلك على مرور الزمان، لا يرى فيهم منكر ولا منازع- فلا يجوز التحمل عليها، ولا لها، وعليه يدل ما حكاه في ((البحر)) - أيضًا- عن الشافعي حيث قال: ويسعه الشهادة على النسب