للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشهور: أنه لا يعتبر عدالة شهود الفرع حالة التحمل كما لا يعتبر ذلك فيما إذا أراد أن يتحمل على المقر نفسه، وتعتبر في شهود الأصل حالة تحمل شهود الفرع حتى لو كان الأصل إذ ذاك فاسقًا لا يصح التحمل لأن شهود الفرع يشهدون عند التقاضي: أشهدنا فلان بن فلان فإذا كان شهود الأصل فسقة، فلا يعتمد على قولهم، فلا يصح التحمل، كما لو شهدوا عند التقاضي وكانوا فسقة لا تقبل شهادتهم، وهذا مما خلاف فيه.

وعن [القاضي] الحسين في اعتبار عدالة شهود الفرع عند التحمل احتمال، لأن هذه ولاية، وقد حكاه ابن أبي الدم وجهًأ عن رواية الشيخ أبي علي، وفائدته: أنه لو حسن حالهم عند الأداء، لم تقبل، والمشهور اعتبار استمرار شهادة شاهد الأصل على العدالة إلى ما بعد الحكم بشاهد الفرع، بناء على أن شاهد الأصل إذا كان عدلًا في حالة التحمل، ثم فسق، ثم حسن حاله- لا يجوز لشاهد الفرع الأداء ما لم يجدد الشهادة على الأصل، كما هو الصحيح، وينسب إلى ابن سريج، ولم يحك في ((الإشراف)) غيره.

وقد حكى الرافعي أن في ((الجرجانيات)) لأبي العباس الروياني تفريعًا على هذا: أن شاهد الفرع يحتاج أن يقول- على وجه-: أشهدني على شهادته وكان عدلًا إلى اليوم، أو: إلى أن مات، إن كان قد مات.

أما إذا قلنا: لا يحتاج شاهد الفرع بعد توبة شاهد الأصل إلى تجديد التحمل- كما حكاه الإمام وجهً، وقال: أنه لا يعتد به وإن كان قضية إيراد ((التهذيب)) كما قال الرافعي: اختياره- فلا يعتبر في شاهد الأصل الاستمرار على العدالة، كما لا يعتبر استمرار شهود الفرع عليها.

التنبيه الثاني: في قوله: ((حتى تثبت عنده عدالة شهود الأصل)) ما يعرف أنه لابد من تسمية شهود الأصل حتى لو قال شاهد الفرع: أشهدني عدل رضي مقبول الشهادة لي على كذا، لم تصح هذه الشهادة، كما صرح به العراقيون، والمروازة، خلافًا لمحمد بن جرير الطبري المقول فيه: إنه من أصحابنا كما تقدم، لأنه قد يكون عدلًا عند الفرع، وفاسقًا عند غيره، فيصير مجهول الحال عند الحاكم، وهذا بخلاف الشهادة عند حاكم، لم يصرح الشاهد بتسميته على أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>