للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فروع:

أحدهما: إذا طرأ على شهود الأصل ما يمنع من قبول شهادتهم قبل الحكم بشهادة الفرع، فهل يؤثر؟ قال الأصحاب: ينظر:

فإن كان الطارئ موتًا، أو مرضًا أو غيبة، لم يؤثر، بل هو المراد بالتحمل وإن [كان] فسقًا أو عداوة أو ردة، منع.

قال الإمام: لأن هذه أمور لا تهجم دفعة واحدة، بل الفسق يورث الريبة فيما تقدم، والردة تشعر بخبث في العقيدة سابق، والعداوة لضغائن كانت مستكنة، وليس لمدة ((من قبل)) ضبط، فينعطف إلى حالة التحمل.

وللقاضي الحسين احتمال في طرآن الفسق [والردة]، لأنه قال: لو كان شهود الأصل عدولًا حالة التحمل للفرعيين، ثم طرأ عليهم فسق، أو ردة فالظاهر من المذهب أن ذلك يوقع ريبة في شهادة الفرع.

وللإمام احتمال في عدم إلحاق الردة بالفسق، مأخذه ما ذكرناه في باب حد القذف: أن طرآن الردة على المقذوف لا يقدح في الإحصان السابق، على النص، بخلاف طرآن الزنى، فإنه يقدح على النص.

ولو كان الطارئ جنونًا، أو عمى، فثلاثة أوجه، جمعها الإمام من كلام شيخه والصيدلاني:

أحدها: أنه لا يؤثر كالموت، وهذا ما قال الإمام: إنه المذهب، وإنه الذي يجب القطع به، وما عداه تخيط في المذهب، ولأجل ذلك صححه الغزالي وغيره، ولم يحك البندنيجي وكذا البغوي عن شيخه غيره، وهو المذكور الإشراف، وألحق الخرس بالجنون.

والثاني: أنه يؤثر، إذ بطلت أهليتهما، لقبول شهادتهما، وإنما استثنى الموت، للضرورة.

والثالث: أن الجنون يمنع، بخلاف العمى، فإن الأعمى أهل، وإنما امتنع عليه التعيين، ولهذا لا يحكم ببطلان ما أداه قبل العمى إذ حصل العمى قبل الحكم بشهادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>