وقيل: سميت بذلك؛ لاستدارتها وعلوها، وقد بنيت خمس مرات، آخرها بناية الحجاج، وسنوضح ذلك في" [باب] صفة الحج" إن شاء الله تعالى.
وهي المسجد الحرام، قال الله تعالى:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}[المائدة: ٩٧]، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لما فرضت الصلاة بمكة يستقبل بيت المقدس؛ كما قاله المتولي وغيره.
وقال الإمام: إنه كان يستقبل الصخرة من بيت المقدس؛ فإنها قبلة الأنبياء قبله، وهذا مروي عن الزهري، ولم يوجد له إسناد صحيح، ومشهور: أن إبراهيم-عليه السلام-كانت قبلته الكعبة، وكذا إسماعيل-عليه السلام-يدل عليه قوله تعالى:{أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[البقرة:١٢٥].
واختلف العلماء [وكذلك أصحابنا] في أنه-عليه السلام-[كان] يستقبل ذلك برأيه واجتهاده أو عن أمر من ربه على قولين:
نعم، هل [كان] ذلك بقرآن أو بغير قرآن؟ أفهم كلام الأصحاب خلافاً فيه، واستدل أبو الطيب على [أنه] كان واجباً بالقرآن بقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} الآية [يونس: ٨٧] وكان – عليه السلام-مدة مقامه بمكة يجعل الكعبة بينه وبينها، فيقف بين الركنين اليمانيين، ويستقبل الكعبة وبيت المقدس معاً؛ فيجمع في الاستقبال بين قبلة إبراهيم -عليه السلام-وغيره من الأنبياء -عليهم السلام- فلما هاجر إلى المدينة لم يمكنه ذلك إلا باستدبار الكعبة؛ [لأن المدينة عن يسار الكعبة، فشق ذلك عليه، واختلف في سببه:
فقيل: لأنه كان يحب أن يصلي إلى قبلة أبيه إبراهيم -عليه السلام- وهو ما رواه