هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:٢٨٢] ومعناه: فليقر وليه بالحق غير زائد ولا ناقص، وهو العدل، فدلت الآية بمنطوقها على صحة إقرار الولي، وعلى جواز إقرار الرشيد من وجهين:
أحدهما: من طريق دليل الخطاب، لأنه قال:{فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ...}[البقرة:٢٨٢] إلى آخرها، فدل على أنه إذا استطاع هو فإنه يملك دون غيره.
والثاني: من طريق فحوى الخطاب، فإن الولي إذا جاز إقراره، فالرشيد أولى بذلك، فإنه يتصرف بما له فيه حظ، وبما لاحظ له فيه، ولا يصح تصرف الولي إلا بما فيه حظ للمولى عليه.
والفرق بين الفحوى وغيره- كما قال الماوردي في كتاب الأقضية-: أن الفحوى ما دل على ما هو أقوى منه، كما ذكرنا.
ولحن القول الذي هو دليل الخطاب: ما دل على مثله.
ومن السنة: ما روي أنه- عليه السلام- قال:((قُولُوا الْحَقَّ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)).
وقال صلّى الله عليه وسلّم:((واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)).
وروى أنه رجم ماعزًا بإقراره، وكذا الغامدية.
ولأن الإقرار أبعد عن التهمة من الشهادة، ولذلك إن الحاكم يبدأ بالسؤال عن الإقرار قبل الشهادة، فيقول للمدعى عليه: ما تقول؟ فإن أنكر، سأل المدعي، فقال له: ألك بينة؟ وإذا كان أبعد عن التهمة، كان أقوى في الحجة.
قال القاضي أبو الطيب: ويؤيد ذلك: أنه لو شهد شاهدان للمدعي، ثم أقر المدعى عليه، بطلت الشهادة، وكان الحكم للإقرار دونها.
قال-[رحمه الله تعالى]- من لم يحجر عليه يجوز إقراره، أي: رجلًا