للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرخصة سواء عند العراقيين والماوردي؛ عملاً بقوله في "الأم": و"طويل السفر وقصيره سواء"، وهو أصح القولين عند المراوزة؛ لأن المعنى المجوز لترك الاستقبال المشقة اللاحقة [له] بسبب انقطاعه عن السفر، واستكمال النوافل، وهذا موجود في طويل السفر وقصيره؛ كالتيمم، وبهذا فارق القصر.

والقول الثاني: أنه يشترط أن تبلغ مسافة القصر؛ لأنه تغيير ظاهر في الصلاة، وهو ترك استقبال القبلة؛ فهو حري بأن يشبه بالقصر وغيره من خصائص السفر الطويل، وهذا أخذوه من قوله في البويطي: "وقيل لا يتنفل على دابته إلا في سفر يقصر [في مثله] الصلاة".

والعراقيون قالوا: هذا ذكره حكاية عن مذهب مالك، وليس قولاً له، وهو ظاهر اللفظ.

وقال في "التتمة": إنه منصوص في القديم؛ وعلى هذا قال المراوزة: ويشترط أن يكون [له] صوب واحد، فراكب التعاسيف لا يترخص بهذه الرخصة؛ لفقد ذلك في حقه؛ لأنه الذي يستقبل تارة ويستدبر أخرى؛ إذ ليس له صوب ومقصد معين.

نعم: لو كان لمقصده صوب، ولكن لم يسلك طريقاً معلوماً، فقولان.

ثم المراد من السفر الذي هذا حكمه: السفر الذي لا يمكنه معه الاستقبال إلا بمشقة؛ يدل عليه قوله: "وإن كان ماشياً أو على دابة ... " إلى آخره، وحينئذ ينحصر في السفر في البر على الراحلة التي لا محمل عليها يمكن المصلي فيه الاستقبال ونحوه، وهي مقطَّرة، سائرة كانت أو واقفة، وكذا غير المقطرة إذا لمتنك طوعاً له، وبه صرح العراقيون، ومنه يظهر لك الحكم في مسألتين:

أحداهما: أن سفر البحر لا يجوز إلى غير القبلة، بل يشترط فيه الاستقبال في جميع الصلاة، كما في الفرض، وبه صرح الأصحاب كافة، وخص الماوردي وصاحب "العدة" بما إذا لم يكن المتنفل مسير المركب، فإن كان سقط عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>