وأما صرف الرجل الرجل عن [جهة] القبلة فنادر، لا يعهد وقوعه إلا في غاية النذور، ولهذا قطع الأئمة بأن جماح الدابة في زمان قريب لا يبطل الصلاة، ولم أر ما يخالف هذا للأصحاب.
قال الرافعي: وأنت إذا تصفحت كتب الأصحاب وجدت الأمر كما قال، وإذا جمعت بين كلام الماوردي والغزالي واختصرته، قلت: في بطلان صلاته [عند] انحرافه عن جهة سيره بسبب جماح الدابة [ثلاثة أوجه]، ثالثها: إن طال [الفصل] أبطل، وألا فلا.
وإذا قلنا: لا يبطل، فهل يسجد للسهو؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها- وهو ما اختاره الصيدلاني، ومال إليه الإمام [لا يسجد]؛ لأن سجود السهو لا يثبت إلا عند سهو المصلي بترك شيء أو فعل شيء، ولم يوجد من المصلي شيء.
والثاني: يسجد؛ لجبر ما وقع من خلل [في] صلاته.
والثالث: إن طال الفصل سجد، وألا فلا، وهو ما حكاه الشيخ أبو حامد عن النص.
قال: والفرض في القبلة إصابة العين- أي: عين الكعبة-لقوله تعالى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة:١٤٤]، أي: نحوه، وجهته، قال الشاعر:
ألا من مبلغِّ عمراً رسولاً وما تغني الرسالة شطر عمرو
أراد: نحو عمرو، وتقول العرب: شاطرنا بيوت بني فلان، أي: حاذينا البيوت.
وحديث البخاري الذي قدمناه في أول باب يدل عليه، ويدل-أيضاً-على أن استقبال الحجر وإن ثبت بالسنة أنه من البيت [لا] يكفي، وهو أصح الوجهين في