للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدلُّ عليه قولهُ تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢] الآية، وكان العباسُ -رضي الله تعالى عنه- أقام بعد إسلامِه بمكةَ، ولم يقلِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إن إسلامَهُ لا يتمُّ مع الوقوفِ بدار الحربِ.

وقد ذكرَ الشافعيُّ هذا الحُكْمَ كما ذكرتُه، واستدلَّ له بوقوفِ العباس كما ذكرته (١).

وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النساء: ٩٧] الآية، فإنها نزلتْ في قومٍ تكلَّموا بالإسلامِ، ثم خرجوا مع المشركينَ إلى بَدْرٍ مُكَثِّرينَ لِسَوادِهم، فقُتلوا يومَ بدرٍ، وأخبرَ اللهُ سبحانه بكفرِهم وظُلْمِهم لأنفسِهم (٢).

فإن قيل: فإن الملائكةَ لم تعاتبْهم إلا على عَدَمِ الهجرة.

قلنا: جعل الله سبحانه هذا قاطعاً لحجَّتِهم، وإلا فقدْ أخبرَ الله تعالى بظُلْمهم لأنفسِهم، والظلمُ هو الكفر (٣).


= الثالث: الاستحباب، وقال بعضهم بالوجوب على من يقدر عليها وهو يتمكن من إظهار دينه وإقامته.
انظر: "الأم" للشافعي (٤/ ١٦١)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ١٠٣)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٥٥٧)، و"المغني" لابن قدامة (٩٢٣٦).
(١) انظر: "الأم" للشافعي (٤/ ١٦١).
(٢) ويؤيد هذا القول سبب النزول الأول الذي رواه البخاري، وانظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٢٣٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٤٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٣٤٥).
(٣) لا يسلَّم أن الظلم هنا هو الكفر، فالآية عامة فقد تعم من كفر وقاتل المسلمين، ومن ترك الهجرة وهو على إيمانه لكنه لا يقدر على إقامة دينه فهو ظلم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص هذه الآية. انظر: "أحكام القرآن" للشافعي =

<<  <  ج: ص:  >  >>