للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديثُ سعدٍ، فإنه لا يدلُّ إلا على تعظيمِ شأنِ الهجرةِ.

* وقد اختلفَ أهلُ العلم في موتِ المُهاجِر بمكةَ:

فقالَ بعضُهم: الموتُ بمكةَ والمُقام بها يُحْبطُ الهجرةَ، سواءٌ كانَ بالضرورةِ، أو بالاختيار، واستدلَّ بدعاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لسعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ مع أصحابه، ولأنَّ سعدَ بنَ خولَةَ الذي رَثىَ له النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ماتَ في حجَّةِ الوداعِ بعدَما شهدَ بدراً وغيَرها، على ما ذكره ابنُ شهاب (١).

وقال بعضُهم: إنما يحبطُ الهجرةَ ما كانَ بالاختيارِ، وأما بالضرورةِ، فلا؛ لأن سعدَ بنَ خولةَ لم يهاجرْ من مكةَ حتى ماتَ بها؛ كما قال عيسى بنُ دينار وغيُره، أو ماتَ بمكةَ بعدَما هاجرَ وشهِدَ بدراً، وانصرفَ إلى مكة (٢)؛ كما قالهُ البخاري (٣).

* فإن قال قائل: فما حكمُ الهجرةِ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبعده؛ قلنا: أما في زمنه، فأجمعت الأمةُ على وجوبِ الهجرة من مكةَ إلى المدينِة -شَرَّفها اللهُ- حتى قال الواحديُّ والبَغَوِيُّ: إنها شرطٌ في الإسلام؛ كما قدمتُه عنهم.


= (٢/ ١٦)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٥٤٣).
(١) قال ابن عبد البر: لم يختلفوا في أن سعد بن خولة مات بمكة في حجة الوداع إلا ما ذكره الطبري محمد بن جرير فإنه قال: توفي سعد بن خولة سنة سبع والصحيح ما ذكره معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه: أنه قال: توفي في حجة الوداع. انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (٢/ ٥٨٧).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ٧٩)، و"فتح الباري" لابن حجر (١١/ ١٨٠).
(٣) تقدم ذكر قول عيسى بن دينار، والبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>