للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبرواية صالحِ بنِ خَوّاتٍ أخذَ مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وأبو ثور، ورجحوا بأنه أحوطُ للصلاة؛ لقلةِ الأفعالِ فيها (١).

قال الشافعيُّ: ولأنهُ أكثرُ موافقةً للقرآن؛ لأن اللهَ سبحانه ذكرَ صلاةَ الطائفتين معه، وإذا أتموا لأنفسِهم، لم تكنْ جميعُ صلاتِهم معه، ولأن اللهَ سبحانه لم يذكرْ على الإمامِ ولا على واحدةٍ من الطائفتين قضاءً، ولأنَّ اللهَ سبحانه وصفَ الطائفةَ الآتية أنها لم تصلِّ، ولو صلَّتْ ركعةً ثم انصرفتْ ورجعتْ لم يقعْ عليها الوصفُ بأنَّها لم تصلِّ، ولأنه أبلغُ في الحِراسةِ ومَكيدةِ العدوِّ، ومعلومٌ أن منْ هو خارجَ الصلاة أكملُ في الحراسةِ ممَّن هو فيها؛ لأن غيرَ المصلي يتكلمُ بما يَرى من حركةِ العدوِّ وإرادته، ويخبر عنه بالمَدَدِ وغيره، فيخففُ الإمامُ والمصلون لذلك، أو يأخذون حِذْراً أبلغَ من الأولِ، أو يخبر الإمامَ أن حركةَ العدو حركةٌ لا خوفَ فيها، فيتمكن من صلاته، فلا يعجل فيها.

وفي غيرها من الروايات: تُصَلِّي الطائفتانِ مع الإمامِ بعضَ الصلاة، ولا يكون لهما (٢) حارس إلا الإمام (٣).

ولم يأمرِ اللهُ سبحانه إلا بحراسةِ إحدى الطائفتين [للأخرى].

وكان الأخذُ بروايةِ صالحِ بنِ خَوَّاتٍ أبلغَ في الحذر، وأقوى في المكيدة، وأحوطَ للصلاة، وأكثرَ موافقةً للقرآن (٤). ولهذا قال فيه مالكٌ:


(١) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٥/ ٢٦١)، و"الأم" للشافعي (١/ ٢١١)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٤٦٠)، و"المغني" لابن قدامة (٢/ ١٣٢).
(٢) في "أ": "لها".
(٣) وهي رواية ابن عمر المتقدمة.
(٤) انظر: "اختلاف الحديث" للشافعي (١/ ٥٢٦)، وقد نقله المصنف عنه بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>