حيان وهو واضح في أن الأمس تدل على الزمان الماضي قبل النطق بها من غير تعيين ليوم بعينه وقد خطأ أبو حيان الزمخشري في التعبير عن ذلك الوقت الماضي بقوله آنفا لأن معنى، آنفا: وقت قريب جدا من وقت النطق فلذلك عبروا عنه بالساعة أي في هذه الساعة.
وهذا اللفظ بمعناه الذي أشار إليه أبو حيان موجود في سورة محمد رقم (١٦) قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} معناه: من المنافقين من يستمع إليك يا محمد، وأنت تحدث الناس، حتى إذا خرجوا من عندك قال المنافقون للمؤمنين الذين آتاهم الله العلم بكتابه وسنة رسوله، ماذا قال محمد آنفا أي في هذه الساعة حين كنا عنده، ولقد صدق أبو حيان في تخطئة الزمخشري فإن الأمس تدل على وقت من الزمان الماضي غير معين، وقال الإمام بن جرير الطبري في تفسيره الجزء الحادي عشر صفحة ٧٢ ما نصه قوله أتاها أمرنا ليلا أو نهارا يقول جاء الأرض أمرنا: يعني قضاءنا بهلاك ما عليها من النبات إما ليلا أو نهارا فجعلناها: يقول فجعلنا ما عليها حصيدا يعني مقطوعة مقلوعة من أصولها وإنما هي محصودة صرفت إلى حصيد كأن لم تغن بالأمس يقول كأن لم تكن تلك الزروع والنبات على ظهر الأرض نابتة قائمة على الأرض قبل ذلك بالأمس وأصله من غني (بكسر النون) فلان بمكان كذا، يغنى (بفتح النون) به إذا أقام به كما قال النابغة الذبياني:
غنيت بذلك إذ هم لي جيرة ... منها بعطف رسالة وتودد
يقول فكذلك يأتي الغناء على ما يتباهون به من دنياهم وزخارفها فيغنيها ويهلكها كما أهلك أمرنا وقضاؤنا نبات هذه الأرض بعد حسنها وبهجتها حتى صارت كأن لم تَغْنَ بالأمس كأن لم يكن قبل ذلك نبات على ظهرها انتهى كلام ابن جرير