وعلى آلِه الذين تفتَّحت لهم كمائمُ المعاقل عن زهرة النَّصر، وتحلَّى بعقود عُهودهم جِيِدُ كلِّ عصر.
فجَنوا لهم ثمرَ الوقائع يانعاً ... بالْغُرِّ من ورق الحديدِ الأخضرِ
لا زالت سُحُب الرَّحمة المُطَنَّبة بالقطر مخيَّمةُ على مراقدهم، ولا برحْت تَحايا المُزْن مُهينِمة بلسان الرَّعد على معاهدهم، ما سقى غديرُ المجرَّة روضةَ السماء، وزَها نَرجِس النَّجم تحت بَنَفْسج الظَّلماء.
هذا وإني كنت قبل أن تُشِيب منِّى الخطوبُ الذَوائبَ، وتصبحَ كبدي وأحشائي بلظَى النَّوائب ذوائبَ، والزمان ربيعٌ، ورَوْض الشباب مَرِيع، أعد الأدبَ عنوانَ صَحائفِ الشَّمائل، وبيْتَ القصيد في ديوان المآثر والفضائل، أُنْفِق نَقْد عمري في اقتنائِه واقتناصِ شوارده، وأملأُ صدَف المسامع مما يستخرج غوَّاصُ الأفكار من فرائدهِ، وأَشِيم بارقةَ السّحر من نفَثاتِه، وأشُمُّ عبِير السرور من أرْدَان نسماتِه، وأرتَشِف من طَبْعي ما يَنِمّ على سرِّ الزُّجاجة، وأشْتَفُّ منه ما أسْأرَتْه الجُدودُ من ذُؤابة خفاجة، صُبابةَ مجدٍ لم يكدِّرها في جامِ المشارب وِرْدُ الخطوب، واْزدِحامُ الشَّوائب.
فإنِّي من العرب الأكرمين ... وفي أوَّل الدهرِ ضاع الكرمْ
وما زلتُ على هذا الحال، منذ فارقني الحال، لا دأب لي إلا تلقى وفُودِه، لاسْتهداء تُحَفِ الأخبار التي هي ألطفُ من دمع الطَّلِّ في وجَنات الأزهار.
ومَن يسألِ الرُّكبانَ مَن كان نائيا ... فلا بُدَّ أن يلْقَى بشيراً وناعِيِاَ