حتى شهِدتُ جمالَكم فلِمِحْنتِي ... جذَبتْ محبَّتُكم شِغافَ فُؤادِي
ودَنا الرَّحيلُ مُخِّلفاً قلبي لكمْ ... وَقْفاً على الاتْهامِ والإنْجادِ
سِرْ بالهَنَا أمَّا خَيالُ كمالِكمْ ... فهو السَّمِيرٌ لُمهْجتِي في النَّادي
واسْلَم ولا تَنْسَ العِمادِي إنه ... لَيْعِّللُ الأحْشا بقُرْبِ بِعادِ
ومما أنشدني قولُه:
سأطْمِسُ آثاراً هَوايَ أثارَها ... وأنفُضُ من ذَيْلِ التَّصابي غُبارَهَا
لقد آن صَحْوِي من سُلافِ صَبابةٍ ... لقد طال ما خاَمرْتُ جَهْلاً خُمارَهاَ
هجْرتُ الهوى والزَّهْوَ حتى اشْتياقَه ... وطيبَ لياليِ الَّلهْوِ حتى ادِّكَارَهاَ
وعفَّيْتُ سُبْلَ الهَزل بالجدِّ مُقلِعاً ... وعِفْتُ مَسرَّاتٍ جنَيْتُ ثِمارَهاَ
أَثامٍ كُفِيتُ اليومَ بالتَّزكِ شرَّها ... لعلَّي غداً في الحشرِ أكْفَى شَرارَهاَ
قَطَفْتُ أزاهيرَ الصَّبابةِ في الصِّبا ... وقد صار عاراً أن أَشُمَّ عَرارَهاَ
فلو صائداتُ القلبِ أقْبَلْنَ كالْمَهاَ ... وقبَّلْنَ رأسِي ما قِبلْتُ مَزارَهاَ
وقد كنتُ أوْدَعتُ الحِجاَ فاسْتَردَّهُ ... إلى النَّفسِ شَيْبٌ قد أعاد وَقَارَها
وكان شَبابي شَبَّ نارَ صَبابتي ... فمُذْ لاحَ نُورُ الشَّيْبِ أخمدَ نارَهاَ
تُرَى شيْبَتي ما عُذْرُها لشَبيبتَي ... وقد صَبَغتْ قبل الكمالِ عِذارَهاَ
تبسَّمَ ثَغْرُ الشِّعرِ فيها تعجُّباً ... لها إذْ رَأَى ليلَ السّبَالِ نهارَهاَ
فما زار وكْرَ الشّعر فيها غُرابُه ... ولا دارَ حتى اسْتوطَن البازُ دارَهاَ