عسى الآن عمَّا قد عَثُرْتُ إنابَهٌ ... يُقيلُ بها للنفسِ ربيِّ عِثارَهاَ
عسى رَحْمةٌ أو نَظْرةٌ أو عِنايةٌ ... يَتِمٌ سُعوِدي في صُعودِ مناَرهَا
عسى نَفحةٌ من نُورِ نُورِ معارفٍ ... تَهُبُّ فتَختارُ الفؤادَ قَرارَهاَ
ويشرحُ صدْرِي نورُ علم مُقدَّسٍ ... يُرِينيَ أسرارَ العلومِ جهارَهاَ
وأُمْنح ألْطافاً من الانسِ أبْتَغِي ... خَفاَها ويأَبْى إلا اشْتِهارَهاَ
وتُكْشَف عن عْينِ البصيرةِ حجْبُهاَ ... بأنْوارِ عِرفانِ تُزِيل اسْتِتارَهاَ
فَيظهرُ لي سِرُّ الحقيقةِ مُسرِقاً ... على ظُلَمِ الكون التي قد أنارَها
وأحْظَى بحالاتٍ من القُرْبِ أكْتَسِي ... بدُنيا وأُخْرى فضْلَها وفَخارَهاَ
ولُطْفُ إلهي قُطًبُ دائرِة المُنَى ... فإنَّ عليه في العطاءِ مَدارَهاَ
وقال قُبَيل موتِه، رحمة الله:
قد شابَ فَوْدِيَ حين شابَ فؤادِي ... فكأنما كاناَ على مِيعادِ
حُسْنَ الخواتِم أرتْجي من مُحْسِنٍ ... قد مَنَّ لي قِدْماً بحُسْنِ مَبادِي
وعِمادِيَ التَّوحيدُ فهْوَ وَسِيلتي ... في نَيْلِ ما أرْجُوه عند مَعادِي
إن قيلَ أيُّ سفينةٍ تَجْري بلاَ ... ماءٍ وليس لأهلها مِن زَادِ
قُلْ رَحمْةُ الرحمن مَن أنا عَبْدُهُ ... تَسَعُ العبادَ فَمَن هو ابنُ عِمادِ
وكتب إليَّ وهو مريض، وقد سمع بعَوْدِي لمصر، ولم يلبَثْ بعدَه إلا قليلا، ما صورتُه:
أسْعَد الله تعالى طالِعَ مصر وما حولها من الأبصار، وأنجَد هذا العصرَ وما يلِيه