للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وقلت أيضاً:

ورَوْضةِ أُنْسٍ بات فيها ابنُ أَيْكَةِ ... يُغرَّدُ والنَّايُ الرَّخِيمُ يُشَنَّفُ

وقد ضمَّنا فيها من الليلِ سابِغاً ... رِداءُ بأكْنافِ الغَمامِ مُسَجَّفُ

فظَلَّتْ عَرانِينُ الأبارِيقِ بالطَّلا ... إلى أن بَدَتْ كافُورةُ الصبحِ تَرْعُفُ

وهذا معنى تصرف فيه وأبدع، وأدار منه على المسامع كأس أدب مترع، وقد سبقه إليه غيره، كابن رشيق في قوله:

صَنَمٌ من الكافورِ بات مُعانِقِي ... في حُلَّتْين تَعفُّفٍ وتَكَرُّمِ

فذكَرْتُ ليلةَ هجْرِه في وَصْلِه ... فجَرتْ بقايا أدْمُعِي كالعَنْدَمِ

فطفِقْتُ أمسحُ مُقْلتِي في جِيدِه ... إذ عادةُ الكافورِ إمْساكُ الدَّمِ

لكنه جعل جيد محبوبة منديله فدنسه، فلو قال:

فجعلتُ عيْني تحت خْمَصِ نْعلِهِ ... إذْ شِيَمةُ الكافورِ إمساكُ الدَّمِ

كان أليق بالأدب.

وممن أجاد في هذا المعنى ابن مرج الكحل الاندلسي، في قوله:

ألاَ بَشَّروا بالصُّبْحِ مِنَّىَ باَكياً ... أضَرَّ به الليلُ الطويلُ مع البُكاَ

<<  <   >  >>