تزَوَّدْ من الدنيا متاعاً لغيْرها فقد شمَّرَتْ جَيْدَاءُ وأنْصَرَمَ الحبْلُ
فلَهْفي عليها حين أمْسَت شهيدةً ... وقد جادها بالدَّمعِ قَطْرٌ له هَطْلُ
وأضْحَتَ على وجهِ الثَّرى دون دافنٍ ... ولكن بكفِّ السُّحْبِ أمسى لها غُسْلُ
فلما سمعها الفشتالي استظرفها جدا، وكتب له:
رأيتُ أديباً واضعاً كفَّ حائرٍ ... على ذَقَنٍ إذ للهمُوم به شُغْلُ
فقلتُ له هل بَتن إلفٌ لَوَت به ... نَوىً قَذَفٌ أم لا يُرجَّى له وَصْلُ
فقال علِمْتُم أن جارِيتي يدِي ... وراحِلتي في كلِّ نائبةٍ نَعْلُ
خرجت مع البازِي لِحَانِ مُدامةٍ ... رجاءَ سرورٍ والطَّريقُ بها وَحْلُ
فأُبْتُ وبي من حادثِ الدَّهرِ لَسْعَةٌ ... بخُفَّيْ حُنَينِ لا ثراءٌ ولا عَقْلُ
نأَتْ عن أديمِ الأخمَصَيْنِ وِقايةً ... وما بي شُعورٌ إذ تخطَّفَها الوَبْلُ
كذا فلْيَجِلَّ الخطبُ في وَثَباتِهِ ... بكلِّ كريمٍ لا يفارِقُه فَضْلُ
وفي كلِّ قلبٍ للخُطوبِ مآثِمٌ ... يحِقُّ لأرْبابِ القريضِ بها شُغْلُ
فقلتُ له إن العِيافَة تَقْتضِي ... بتصْحِيفِ نَعْلٍ أن قدرَكم يَعْلُو
تعوَّدَ دهرٌ جُودَكمْ وأتى له ... فألْقَتْ إليه عند ذَا نَعْلَها الرِّجْلُ
وكتب إليه الأديب زين الدين الإشعافي الحلبي:
تَعزَّ أخي إن كنتَ ممَّن له عقلُ ... ولا تُبْدِ أحزاناً إذا ذهبَتْ نَعْلُ