للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أن العسكري قصده بحجم غفير من تلامذته، في ساعة لا يصل غليه أحد في مثلها، فحجبه الحجاب، فرفع صوته، يقول:

مالِي أرى القُبَّة الفيْحاءَ مُقْفَلةً ... دُونِي وقد طال ما اسْتَفْتَحْتُ مُقفَلَها

كأنها جنَّةُ الفِرْدَوْسِ مُعْرِضَةً ... وليس لي عَملٌ زَاكٍ فأدْخُلَها

فناداه الصاحب: أدخلها يا أبا أحمد، فلك السابقة.

فبادر له الخدم، وحملوه حتى جلس عنده، فأقبل عليه، ورفعه إلى ارفع مجلس، ثم تحادث معه، وسأله عن مسألة، فقال له: الخبير صادفت.

فقال له: مازلت تغرب في كل شيء حتى المثل السائر.

فقال: تفاءلت عن السقوط للحضرة.

فأدر عليه، وعلى من معه بصلات كانوا يأخذونها إلى أن توفى.

فانظر ما في هذه القصة من لطائف الآداب، وما للصاحب مع جلالة قدره من مكارم الأخلاق، الذي طير ذكره في الآفاق، وخلده في صحائف الدهور، وهكذا فلتكن الصدور.

ولما أراد العود إلى المغرب، قال لي: عندي أمانة من مولاي أحمد، لا أرى غيرك لها أهلا ومحلا، فطال العهد ولم أر لها محلا، فقلت:)

<<  <   >  >>