للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن محلا وإن مرتحلا (فلما أزف الرحيل كتبت له رقعة فيها: أطال الله عمرك طول مواعيدك، وجعل آمالنا الكمونية مورقة من سحائب جودك.

ولعمري، لقد طال المطال فعرقوب لا يبلغ عرقوبه، وزاد العتب على الإلحاح والعتب بغير جرم عقوبة، ولو لم يكن أملي أضعف من الذباب، ما أرتبط بحبال العنكبوت على هذا الباب، فلله أنت ما أحلمك وما أصبرك على كثرة السؤال والجواب، ولم أر مثلك في الجود، إذ بذلت لي ألوف ألوف من الوعود، ولم تلمني على مقابلتها بالكفران، وها أنا ذا تائب شاكر لهذا الحرمان، إذ لم يكن لمثلك علي منة، وأحمد الله على كل حال متبعا للسنة.

وقد كان يعجبني قول أبي محمد الحكيم:

لُبْسُ الثِّيابِ وتشْييدُ القصورِ وفي ... تلك الثِّيابِ رأيْنا أنفُساً خَرِبَهْ

لأضْرِبَنَّ رجائي ألفَ مَقْرَعةٍ ... فِيكُمْ وأصْلُب آمالِي على خَشَبَهْ

فلما رأيت بعد العهود، وطول حبال الوعود، قلت:

طالتْ مواعيدُك يا سيِّدِي ... والعمرُ قد يقْصُر عن ذَا المِطالْ

فخِلْتُ آمالي لها دُرْبَةٌ ... قد علَّمَتْها المشْيَ فوق الحِبال

<<  <   >  >>