فلذا صحَّ رَمْىُ الجمار، بحصْبائِها الصّغار، ولم يِصحَّ والدُّرَر، وما ذاك إلا لِشَرَفٍ خصَّة بها خالقُ القُوى والقُدَر.
فنزَّهْتُ عيونَ أملي في روضةٍ ذاتِ أنْوار، وعِلمتُ وهي من رياض الجَّنة أني لا أدخلُ بعدَها النَّار.
وأنا الآن منتِظرٌ لألطاف رَبّى، وهو في كلَّ الأمورِ حسْبى، أن يُعيدني لجوارِه، واجتْلاء نُورِ حَبيِبه ومخُتارِه، به إليه مُتوسّلا، وفي نَيْل رجائي مُتوكّلا لا مُتأكّلا.
وقد تأمَّلت دعوةَ أبي الأنبياء إبراهيم، وقولَه:) فاجْعَلْ أَفْئدِة مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إلَيْهمْ (إذ لم يقل: اجْعل الناسَ تهْوِى إليهم:؛ لأن المرادَ أنَّ الشوق يجذبُهم إليه، ويعُلق مشكاة قلوبهم بسلاسلِ أنوارِه، حتى يراهم بغيرِ اخْتيارٍ له مُتوجّهين، وهم تحمُّل المشاقّ بوَعْثاء السفر غيرُ متضجَّرين.
كأنما هو مِغناطيسُ أنفسِنا ... فحيثما كان دارَتً نحوَهُ الصُّورُ
ولذا جعل الطائفُ البيتَ على يَسارِ؛ لأن القلبَ في جهِةِ اليَسار، وقد كان قبل الوُصولِ مائلاً إليه، فلما وصل دام على ما كان عليه.
كما قلتُ:
قل لَمن لامَ على سَعْيي له ... قصَّرِ الَّلْومَ وإن شئْتَ لُمِ
مَن أتى قْلبي إليه ساعِياً ... كيف لا يسْعَى إليه قدَمِي