للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبكى وحلف أنه نظمها في هذه الليلة، ولم يقف عليها سواه، وهي هذه، وأنشدها له:

مَلكْناَ فكان العفوُ منا سجَّيةً ... فلمَّا مَلكْتُمْ سال بالدَّم أبْطَحُ

وحلَّلتُمُ قَتْلَ الأسارىَ وطاَلَما ... غدَوْنا على الأسْرَى بَمُنَّ ونصفحُ

وحسْبكمُ هذا التفاوتُ بيننا ... وكلُّ إناءِ بالذي فيه ينْضَحُ

وقد سبقَهم إلى هذا أبو الفتح كُشاجَم، فقال:

ومُسْتهْجِنٍ مَدْحي له أن تكُوئِدَتْ ... لنا عُقدة الإخْلاصِ والحرُّ يُمدَحُ

ويأْبَى الذي في القلبِ إلاَّ تَبَيُّناً ... وكلُّ إناءِ بالذي فيه يْنضَحُ

وقلتُ في الهجاء:

فتى كان مِن قبل الشَّبابِ مُؤاجَراً ... وقد لاطَ كهلاً وهْو تَيْسٌ سينَطْحُ

يبيعُ برأسِ المال في السوُّقِ ما اشْترَى ... وكلُّ إناءِ بالذي فيه يرْشحُ

وهذا المثل لم أرَ مَن شرح مَورِدَه ومضربه، وهو يحْتمِل معنيَيْن: أحدهما، وهو الظاهر المُتبادر: أن كلَّ أحدٍ يلوح على ظاهره ما في باطنه، وإن أخفاه؛ كما قيل: مَن أسرَّ سَرِيرةً ردَّاهُ الله برِدائها.

والثاني: أن كلَّ أحدٍ يُجازَى مِن جنس عملِه، وهو الذي قصده الَحيْصَ بيَصْ.

وقد قلتُ في بعض الفصول:

<<  <   >  >>