لقد نزَّهَ الرحمنُ ظِلَّك أن يُرَى ... على الأرضِ مُلقْىً فانْطَوى لِمَزَّيةِ
وأثَّر في الأحجارِ مَشْيُك ثم لم ... يُؤثِّرْ برمْلٍ حلَّ بطْحاءَ مَكَّةِ
قال شارحها: قيل: إنه عليه الصلاة والسلام كان لا يقع ظِلّه على الأرض؛ لأنه نور رُوحَانِيّ.
ما لطه رأى البريَّةُ ظِلاَّ ... هو رُوحٌ وليس للرُّوحِ ظِلُّ
والنور لا ظلَّ له، وكذا الرُّوحانِيّات كالملائكة؛ لأنها أنوار مُجرَّدة.
قيل: ولهذا أظْهرَ الأُمِّيَّة؛ لئلا يقع ظلُّ يدِه على اسم الله لو كتَبه، ولا يخفى ما فيه.
وقيل: لم يُرَ ظِلُّه؛ لأن الغمام يُظِلهُّ.
وقيل: هو تكريمٌ له، لئلا يقع ظِلهُّ على الأرض، فيوُطَأ مَحلُّه.
ونُقِل أن بعضَ اليهود كان يطأُ ظلَّ المسلمين إهانةً لهم، فصِين لئلا يُمْتَهن.
وقيل غير ذلك.
وأما كون قدمِه صلى الله عليه وسلم يُؤثِّر في الحجر دون الرمل، فكان في ذهابه لغار ثَوْر مع أبي بكر، كان يقول له:) ضَعْ قَدَمَك موضع قدمي فإنَّ الرَّمْل لا يَنمُّ عَلَيْهِ (لإرادة الله تعالى إخفاء أثره عمَّن يطلبه من المشركين؛ ولأن له الحجرُ إظهاراً لأنه لا يستعصِي عليه، ولتكون فيه سِمَة ينجو بها من النار، التي وَقُودُها الناسُ والحجارة، ودلالة على شِدَّة قسوة قلوب الكَفَرةإلخ.