نَجْمٌ تُجْلَى عليه المعاني صورةً فصُورة، وتُتْلَى عليه آياتُ الفضل سُورة بعد سُورة.
وإذا كاتب بألفاظه الرقيقة، وَدَّ السِّحْرُ لو كان قِنه ورقيقَة، فكم سرَّح طِرْفَ طَرْفي في رياض المنثور، فجَنى من حدائِقه بَيد الفكر غضَّ الزهور، ففاح نَشْرُ بلاغتِه في ليل حِبْره، ولا بدع للمنثور إذا عَبَق في عَنْبَر الظلماء عبيرُ نَشْرِه، فحلَّيْتُ لساني بعقود إِنشائِه الدُّرِّيّة، وأشرق عليَّ من فلك المُسامرةِ كواكبُها الدٌّرِّيّة، ورأيت سَبْح سطورها في يد المجد، وخِيلانُ نَقطها تَزين من وجه الطِّرس صفحة الخدّ، فسبَّحت عجباً من دُرٍ لونُه السَّواد، ومن رياضِ كافورٍ تُنبت مِسكَ المِداد.
فكأنَّ أسطُرَه غصونُ حديقةٍ ... ومن القوافي فوقَهُنَّ حَمامُ
وهو فرعٌ من شجرة آل طَالُو، الذين فاقوا في رتب العُلى وطَالُوا.
إن حاربُوا ملأُوا البلادَ مَصارِعاً ... أو سالُموا عمرُوا والدِّيارَ مساجِدا
طلَعُوا في رُبَى الجياد غصوناً مُورِقة بالسلاح، وبَسَقتْ فروعُها من بيض الصِّفاح وسُمْر الرِّماح، صيَّروا أكفّهم للمكارم مَعْدَنا، وأبوابَهم لوفُود السَّعادة مَوْطنَاً، فكم من راكب عَجِل استوقفتُه فوقَف، وأهدى إليَّ مِن آثاره تحفاً بكل طرْفَةٍ تُحَفّ، حتى ورد عليّ بالروم فقَرَّ بهِ نظري، ولم تسمع أُذني بأحسن مما قد رأى بصري فطار غُرابُ البَيْن من وَكْرِ العَنا، ونثرت عليَّ قوادمُ يُمْنِه، نِثار الثَّنا، وأنا ثَمَّت غريبُ