لمَّا بدا خفِيتْ له شمسُ الضُّحَى ... في ثوب غَيْمٍ ترتْديه وتكْتَسِي
نطقَتْ مناطقُها فأُخْرِس دونها ... نُطْقُ الفَصيحِ وحار فِكْرُ الكَيِّسِ
لِمَ لا وناظُمها الشِّهابُ من اعْتَلى ... شُهْبَ العُلى بكَمال فضلٍ أقْعَس
فَرْعٌ نَماه إلى خفاجةَ مَحْتِدٌ ... والفرعُ يُنْبِئ عنه طِيبُ المْغرِسِ
وافتْ لنا منه حديقةُ روضةٍ ... خجِلتْ لبهْجَتهِا عيونُ النَّرْجِسِ
طِرسٌ به زُهْرُ النجومِ كأنه ... صبحٌ وهُنَّ به بقايا الْحْنِدِسِ
لثَمتْ شِفاهُ الغِيد قِدْماً نِقْسَه ... فغدا له فيه حياةُ الأنْفُسِ
إنِّي لأَعجبُ من شِهابٍ قد سما ... مُتَبَوَّأَ العَلْياءِ أرْفَعَ مَجْلِسِ
والشُّهْبُ تطلُعُ في السَّماء وحَدُّها ... فلَكُ الثَّوابتِ وهْوَ فوق الأطْلَسِ
لا زلتَ في حُلَلِ الفضائلِ رافلا ... مُتوشِّحاً بُرْدَ الشَّبابِ الأنْفَسِ
خُذها وإن كانت مُقصَّرةً فمِن ... شأنِ الكرام قبولُ عذرٍ من مُسي
شامِيَّةً يعنوُ لباهرِ حسنِها ... وجهُ الغزالة والغزالِ الألْعَسِ
وانْعَم بها لا زالتَ تُرشِفُ سمعَنا ... من رَاحِ نظْمِك مُتْرَعات الأكْؤُسِ
ومما أنشدَنيه قولُه من قصيدة له:
يَراعَك أمْضَى من شِفارِ الصَّوارِم ... ورأيُك أجْلَى من يُراقِ المَباسِمِ
مَضاءٌ يقُدُّ المُرْهَفاتِ وعَزْمَةٌ ... لها في ضِرامِ الخَطْبِ فعلُ الضَّراغِمِ
ومنها:
بسَيَّارةٍ مثلِ النُّجوم طوالعٍ ... قوافِ لعَمْري أفحمتْ كلَّ ناظمِ
تَساقْطَ في الأسماع لُؤُلُؤُ لفظِها ... تَساقُطَ طَلٍّ فوق زَهرْ الكَمائمِ