فيا بحرَ فضلٍ فائض بلآلِئٍ ... لها فكرُك الوقَّادُ ما زال يَثْقُبُ
ظنَنْتَ بأنِّي للخطاب مؤهَّلٌ ... فأرسَلْتَه شِعراً لنَظْمِيَ يخطِبُ
فعُذْراً فإن الفكرَ منِّي مُشتَّتٌ ... وعقْلِي بأيْدِي حادثِ الدَّهرِ يُنْهَبُ
وكان العِماد بينه وبين أحمد مودَّة صافية، وفي بعض الأحيان تجري بينهما مُداعَبات وأخْماص، فكتب له مرَّةً وقد رأى ميلَه لمُعَذَّرٍ كان من جملة خُدَّامِه، يسْتَفتِيه في رأيِ أهل المَوْصِل:
ما تقولون يا ذَوِي الأفْضالِ ... وأُولى العِلْمِ والحِجَى والكمالِ
في أُناسٍ يرَوْن في حَلَب الشَّه ... باء رأْىَ الهوى وحُبَّ الجَمالِ
قد تحيَّرْتُ في هواهُم زماناً ... فاكِشفُوا لي عن شُهبْتِي وسُؤاليِ
أيُّ ذَنْبٍ للأمردِ النَّاعِم الخدِّ ... الذي فاق رَبَّةَ الخَلْخَالِ
بمُحيَّا مثل الغزالةِ حُسْناً ... وبطَرْفٍ أزْرَى بلَحْظِ الغزالِ
وبمَصْقُول وَجْنْةٍ قد تسامَتْ ... بصَفاءِ على بديعِ الَّلآلئِ
فلماذا تَعَوَّضُوا عن هَواهُ ... بذقونٍ كأنَّهُنَّ الْمَخَالِي
مِن نتِيفٍ مُحفَّفٍ ذي اعْتلالٍ ... ناقصِ الحُسْن مَصْدرِ الأفْعالِ
أفلا تنظرون مِرآةَ وَجْهٍ ... لاح بَدْراً مُكَمَّلاً بالدَّلالِ
دون ذِي لِحيْةٍ كَسَتْهُ ظلاماً ... خارجاً عن مطالِع الاعْتدالِ
فاكشِفوا شُبْهَتِي فأيَّةُ داعٍ ... لا تِّباعِ الهُدَى وتَرْكِ الضلالِ