للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنسوخ في الكتاب والسنة قليل).

قوله: (والمنسوخ في الكتاب والسنة قليل).

اعلم أن المنسوخ قليل وأكثر نصوص الشريعة محكمة، وقد ذكر المؤلفون في الناسخ والمنسوخ آيات كثيرة، لكن منهم المكثر الذي اشتبه عليه الأمر فأدخل في النسخ ما ليس منه، ومن أسباب ذلك: هو إطلاق النسخ على الاستثناء والتخصيص والتقييد وغير ذلك مما ورد عن الصحابة وسلف هذه الأمة، ومنهم المتحري الذي اعتمد على النقل الصحيح في النسخ، وذلك أن النسخ ليس من الأمور الاجتهادية، بل هو قائم على شروط وضوابط حددها العلماء، وبتطبيق ذلك لا يثبت النسخ إلا في آيات وأحاديث قليلة جداً.

والحكمة من النسخ تعود إلى ثلاث حكم:

* الأولى: التوسعة ورفع الحرج.

وذلك بنسخ الأثقل إلى الأخف، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: ٦٥] نُسخ حكمها بقوله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٦٦].

فكان المسلم في أول الأمر يجب عليه أن يصابر عشرة عند القتال ويحرم عليه الفرار ثم بعد ذلك نُسخ بوجوب المصابرة على اثنين.

<<  <   >  >>