للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يعدل إلى النسخ إلا بنص من الشارع، أو تعارض النَّصَّين الصحيحين الذين لا يمكن حمل كلٍّ منهما على معنى مناسب، فيكون المتأخرُ ناسخًا للمتقدِّم،

فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم يخلف قوم يحبون السمّانة يشهدون قبل أن يستشهدوا» (١).

ففي الأول مدح من أتى بالشهادة قبل أن تطلب منه، حيث إن النبي أثبت الخيرية له، وفي الثاني ذمه حيث سيق مساق الصفات المذمومة، وقد جمع العلماء بينهما بأجوبة لعل من أظهرها: أن حديث زيد بن خالد محمول على شهادة لا يعلم بها صاحب الحق، فيأتي الشاهد إليه فيخبره بها؛ لأجل أن يحفظ له حقه بهذه الشهادة، أو يكون في حقوق الله التي لا مطالب لها، لا في حقوق الآدميين.

قوله: (ولا يعدل إلى النسخ إلا بنصٍ من الشارع):

هذا الطريق الثاني لدفع التعارض: وهو العدول إلى النسخ، فإذا لم يمكن الجمع بين النصين، ويمكن أن نحمل أحد الدليلين على زمن والدليل الآخر على زمن آخر، فإن المتأخر يكون ناسخاً للمتقدم، ولهذا قال المؤلف: (أو تعارض النصين الصحيحين اللذين لا يمكن حمل كل منهما على معنىً مناسب فيكون المتأخر ناسخاً للمتقدم).

ومن أمثلة ذلك: حديث بريدة أن النبي قال: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها» (٢).


(١) أخرجه مسلم (٢٥٣٤).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>