للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا إذا تعارض قول النبي وفعله قُدِّم قوله؛ لأنه أمرٌ أو نهيٌ للأمة، وحُمل فعله على الخصوصية له،

مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] وقال سبحانه عن السنة ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم: ٣].

فالأدلة لا تتناقض، والرسول قد بلَّغ وبيّن، ولكن قد يقع ذلك بحسب نظر المجتهد، إما لنقص في علمه، أو خلل في فهمه، وعلى هذا فأقل أحوال درء التعارض هو الترجيح، وأما القول بأنه قد تأتي نصوص لا يمكن الترجيح بينها، وحينئذٍ يتوقف المجتهد، فيه نظر ظاهر، فإنه لا بد من الترجيح إما عن طريق الإسناد أو عن طريق المتن، وهي وجوه كثيرة، ولن يعدم المجتهد وجهاً واحداً يدرأ التعارض.

قوله: (ولهذا إذا تعارض … ).

شرع المؤلف في حكم تعارض قول النبي وفعله، وموضوع تعارض القول والفعل اهتم به الأصوليون، بل أفردوا فيه مصنفات مستقلة ومن ذلك كتاب (تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال) للحافظ العلائي.

فإذا تعارض قول النبي وفعله قُدم قوله؛ لأنه خطاب للأمة وحمل فعله على الخصوصية، وهذا ما قرره الشيخ وقال به بعض الأصوليين.

وفيه نظر لأمرين:

الأول: أن حمل الفعل على الخصوصية يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل عدمها، كما سيأتي إن شاء الله، ويؤيد ذلك أنه جاءت بعض الأفعال المعارضة للقول، ولا يصح حملها على الخصوصية كما سترى.

<<  <   >  >>