الثاني: أن الحكم بالخصوصية يفضي إلى ترك العمل بشطر السنة، وهي السنة الفعلية.
والأظهر في هذه المسألة:
أنه إذا تعارض القول والفعل وقام دليل على أن الفعل خاص به ﷺ حكم بها، كحديث أبي هريرة ﵁ قال:(نهى رسول الله ﷺ عن الوصال) فقال رجلٌ من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟ قال:«وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني»(١).
فهذا دليل واضح على أنه لا تعارض بين وصاله ونهيه عن الوصال؛ لأن الوصال مختص به، وهذا على أحد الأقوال في المسألة.
فإن لم يوجد دليل على الخصوصية فإننا لا نحكم بها؛ لأن الأصل التأسي بالنبي ﷺ ومشاركة الأمة له في الأحكام إلا ما دل الدليل على تخصيصه به، ولا ريب أن الأصل في التشريع وخطاب الأمة هو القول ولا يتطرق إليه في الاحتمالات ما يتطرق للفعل، لكن إذا أمر النبي ﷺ بأمر وفعل خلافه، أو نهى عن شيء وفعله، فإما أن يكون الفعل مخصصاً للقول، أو محمولاً على بيان الجواز، أو أنه ناسخٌ للقول إلى غير ذلك مما تتم معرفته باستقراء مواضع التعارض والنظر في الأدلة، والقرائن التي يستفاد منها في تحديد المراد.