للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(والأصل في العادات الإباحة، إلا ما ورد عن الشارع تحريمه)؛ لأن العبادة ما أمر به الشارع أمر إيجاب أو استحباب فما خرج عن ذلك فليس بعبادة، ولأن الله خلق لنا جميع ما على الأرض لننتفع به بجميع أنواع الانتفاعات إلا ما حرمه الشارع علينا.

والصحابة كانوا يجتهدون في المسائل التي لا دليل فيها، فيرجعونها إلى ما فهموه من الأصول الثابتة، ولم يحكموا فيها بآرائهم واستحسانهم، بل مرجعهم ضوابط الشرع وأصوله العامة.

قوله: (والأصل في العادات الإباحة، إلا ما ورد عن الشارع تحريمه).

العادات: جمع عادة، وهي: ما استقر في الأنفس السليمة، والطبائع المستقيمة من المعاملات، سواء كانت معاملة مع النفس، أو مع الخلق.

وأما المراد بالعادات: ما لا يتقرب به الإنسان، ويتعبد به، وعرفها شيخ الإسلام: «ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه».

ويراد بالإباحة: الإذن في فعل الشيء، وتركه.

فعادات الناس الأصل فيها الإباحة، كالأكل والشرب واللباس والنوم.

ويدل لذلك:

١ قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]

فساق الآية مساق الامتنان وغايته الحل والإباحة، كما قال القرطبي في تفسيره: أي لكم أن تنتفعوا بكل ما على الأرض.

وأطلق الله ﷿ ولم يقيد ذلك بقيد، فكل ما على هذه الأرض مما

<<  <   >  >>