للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

* الصارف الثالث: إذا علمنا أن هذا الأمر، أو أن هذا النهي يُقصد به الإرشاد والأدب فإن هذا الأمر لا يقتضي الوجوب، والنهي لا يقتضي التحريم اللهم إلا إذا قامت قرينة تدل على أنه يقصد به الوجوب، أو يقصد به التحريم فإنه يبقى على الأصل، وأن الأمر للوجوب والنهي للتحريم، ومن الأمثلة على ذلك:

المثال الأول: قول النبي : «إذا توضأتم أو لبستم فابدؤوا بميامنكم» (١) فإذا توضأ الإنسان، أو لبس فقد أمره أن يبدأ بيمينه لكن هذا على سبيل الإرشاد والأدب ولذلك حمله العلماء على الاستحباب.

المثال الثاني: أن النبي لما تخلف عن الصلاة وأناب أبا بكر ، وجد النبي خفة من مرضه فخرج النبي فلما رآه أبو بكر أراد أن يتأخر لكي يقوم النبي من مقامه فأشار إليه النبي أن يمكث فلم يمكث أبو بكر (٢)؛ لأن أبا بكر علم من إشارة النبي أنه ليس للإلزام وإنما أراد بذلك الإكرام، فدل ذلك على أن الشيء إذا قُصد به الأدب والإكرام والإرشاد أنه لا يقتضي الوجوب، لكن إذا دلت القرائن على أن الشارع أراد بهذا الأمر الوجوب، أو النهي التحريم حتى ولو كان على سبيل الإرشاد والإكرام فإنه يبقى على الأصل.


(١) أخرجه أبو داود رقم (٤١٤١) وابن ماجه رقم (٤٠٢)، وابن خزيمة (١/ ٩١)، وقال ابن الصلاح والنووي حديث حسن وإسناده جيد، وقال ابن دقيق العيد هو حقيق بأن يصحح، وصححه ابن الملقن البدر المنير (٣/ ٤١٨).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٨٣)، ومسلم (٤١٨).

<<  <   >  >>