ونقل أيضًا (١١/ ٨٩) عن أبي داود قوله: "ورواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: ولم يتابع أحد عبد الرزاق على روايته عن حرام بن محيصة، عن أبيه". قال ابن عبد البر: "ذكره أبو داود في كتابه المفرد". وقال ابن عبد البر (١١/ ٨٢): "هكذا قال أبو داود: لم يتابع عبد الرزاق. قال محمد بن يحيى الذهلي: لم يتابع معمر على ذلك، فجعل محمد بن يحيى الخطأ فيه من معمر، وجعله أبو داود من عبد الرزاق، على أن محمد بن يحيى لم يرو حديث معمر هذا، ولا ذكره في كتابه في علل حديث الزهري إلا عن عبد الرزاق لا غير. ثم قال محمد بن يحيى: اجتمع مالك والأوزاعي ومحمد بن إسحاق وصالح بن كيسان وابن عيينة على رواية هذا الحديث عن الزهري، عن حرام، لم يقولوا: عن أبيه، إلا معمرًا فإنه قال فيه: عن أبيه، فيما حدثنا عنه عبد الرزاق، إلا أن ابن عيينة جمع إلى حرامٍ سعيدَ بن المسيب". ثم قال ابن عبد البر (١١/ ٨٢): "هذا الحديث وإن كان مرسلًا، فهو حديث مشهور أرسله الأئمة، وحدّث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز وتلقوه بالقبول، وجرى في المدينة به العمل. وقد زعم الشافعي أنه تتبع مراسيل سعيد بن المسيب فألفاها صحاحًا، وأكثر الفقهاء يحتجون بها، وحسبك باستعمال أهل المدينة وسائر أهل الحجاز لهذا الحديث". وأما رواية محمد بن ميسرة له عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن البراء بن عازب، فمنكرة، وتقدم تضعيف النسائي لمحمد بن ميسرة عقب روايته لحديثه هذا. وأما رواية ابن جريج له عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل مرسلًا فشاذة، إذ لم يتابع ابن جريج أحد على روايته هكذا. وكذا رواية ابن أبي ذئب له عن الزهري: أنه بلغه أن ناقة للبراء .. ، هكذا معضلًا. وتقدم قول ابن عبد البر: ولم يصنع ابن أبي ذئب شيئًا؛ لأنه أفسد إسناده، والله أعلم.