للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سور البلد الغربيّ الملاصق لها ما مقداره خمس وعشرين (١) ذراعا، فما مرّ على بستان إلاّ وأجابته أشجاره سراعا، ولا {وَقِيلَ يا أَرْضُ اِبْلَعِي [ماءَكِ] (٢)} وَيا سَماءُ أَقْلِعِي (٣)، حتى صارت ذو (٤) المساكن على الطرقات، وأصحاب الأموال يستحقّون الصدقات. وتهدّمت المساجد، وتعطّلت الصلوات.

ولقد جرى في هذا اليوم من العجايب ما يعدّ، ومن الغرايب ما لا يحدّ، حتى أخبر الثقات أنه نزل من السماء عمود عظيم من نار في أوائل السيل، وورد من الدخان ما سمع (٥)، فأسمع الصرخات في الأكوان ما يضعف الحيل، وسلم في مظنّة العطب من كتبه الله سالما على ضعفه، وعطب في مظنّة السلامة من قضى الله بحتفه.

وكانت مساحة ما أخذ من البنيان في العرض نحو مساحة ما انخرق من السور المقدّم ذكره، يزيد في بعض الأماكن، وينقص في بعض الأماكن. وطول ما خرقه السيل المذكور من السور إلى السور.

وأمّا ما على جنبات مجرى الماء من المساكن القريبة إليه والبناء الذي يحكم الماء عليه فتشعّث في ذلك ما لا يحدّ، وتلف من الأموال والغلال والأثاث والمتاع ما لا يعدّ.

وهلك في بعض الحمّامات من النساء والأطفال سبعة نفر، مع سلامة خلق كثير وجد في الأماكن المستقلّة من الغرق جمع كبير.

وتعطّلت بعض الطواحين، والأوقاف، والحمّامات، وتشعّث البيمارستان.

هذا صورة ما ثبت على قاضي بعلبكّ جمال الدين الرضيّ (٦)، وكتب خطّه


(١) الصواب: «خمسة وعشرون».
(٢) إضافة على الأصل لتتمة الآية الكريمة.
(٣) سورة هود، الآية ٤٤.
(٤) الصواب: «حتى صار ذوو».
(٥) هكذا.
(٦) الذي ورد في المصادر وروى حادثة السيل هو قاضي القضاة ببعلبك شمس الدين محمد بن عيسى بن محمد بن عبد اللطيف (أو عبد الضيف) بن محمود البعلبكي المعروف بابن المجد. ولد ببعلبك سنة ٦٦٦ هـ. وتولّى قضاءها، ثم قضاء طرابلس وفيها مات سنة ٧٣٠ هـ. وقد حدّث فقال: «إن السيل دخل بيته وأغرق كتبه وزوجته وحماته فرمى بهما إلى الأمينية، - مدرسة ملاصقة لجامع بعلبك الكبير - فماتت الأم، ودفع السيل الزوجة فألقاها فوق عقد باب الأمينية. ثم أنزلت بعد بسلّم. .». (دول الإسلام للذهبي ٢/ ٢٢٣، ذيل تاريخ الإسلام، له ١٧٧، المعجم المختص، له أيضا ٢٠٨، ٢٠٩) ويقول خادم العلم وطالبه، محقق هذا الكتاب «عمر =

<<  <   >  >>