كتاب نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولي مصر من الملوك

[مقدمة المؤلف] - ذكر الواحات وعجائبها - ص: 35

وقراها أكثر من سائر البلاد غلالا.

ونيلها أعجب الأنهار في زيادته ونقصانه وعمومه على الأرض، وتقسيمه، وتصريفه، وحلاوته، وخفّته، فإنّ ماءه أخفّ المياه وأحلاها، وأسرعها هضما، وأطيبها سمكا، وأكثرها نزهة وصيدا، فإنه يصطاد من نيلها السمك الطريّ، وعن حافاته سائر أصناف الطير.

وفي صحاريها سائر أنواع الوحش، فهذا ما يوجد في إقليم غيره.

وذهبها أجود الذهب. وفيها معدن الزّمرّد بصحراء عيذاب، والشبّ الأبيض ببلاد الواحات.

... وكان في زمن الملك الكامل (١)، والصالح نجم الدين أيّوب (٢) ولده مرتّب على مقطعي الواحات أن يحملوا إلى الأبواب الشريفة في كل سنة (ألف) (٣) قنطار شبّ أبيض، بحكم أنهم أطلقوا لهم الجوالي بالواحات برسم أجرة حملها للشبّ، فأهمل وبطل، وتقادمت عليه السنين (٤) إلى الآن. والله أعلم.

[ذكر الواحات وعجائبها]

وهي أربع الواحات (٥). مسيرة كل واح إلى الآخر ثلاثة أربعة (٦) أيام. وكذلك مسيرة الواح الخارجة من أسيوط إليها، ومن منفلوط أربع (٧) أيام. وبين أسيوط وبين الواح الخارجة وادي (٨) عظيم، طويل من القبلة إلى بحريّ جميعه نخيل وأشجار وغيره، وعيون ماء، وقرى خراب تنتهي إلى الطرّانة وتروجه، وهو بلا ساكن. وكان في الزمان

---

(١) هو الملك محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب. تولّى مملكة الديار المصرية بعد وفاة والده في سنة ٦١٥، وتوفي سنة ٦٣٥ هـ. انظر عنه في: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي - تحقيق عمر عبد السلام تدمري - (حوادث ووفيات ٦٣١ - ٦٤٠ هـ) - ص ٢٥٤ - ٢٥٨ رقم ٣٦٤ وفيه حشدنا مصادر ترجمته.
(٢) ولد الصالح نجم الدين أيوب سنة ٦٠٣ وتولّى السلطنة في سنة ٦٣٦ هـ. وتوفي سنة ٦٤٧ هـ. انظر عنه في: تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات ٦٤١ - ٦٥٠ هـ). ص ٣٣٧ - ٣٥٨ رقم ٤٦١ وفيه حشدنا عشرات المصادر لترجمته.
(٣) كتبت فوق السطر.
(٤) الصواب: «السنون».
(٥) الصواب: «أربع واحات».
(٦) الصواب: «ثلاثة وأربعة» أو «أربعة».
(٧) الصواب: «أربعة».
(٨) الصواب: واد.