للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن رحمته - سبحانه وتعالى - أن المصلي إذا كان لا يستطيع أن يصلى قائمًا صلى جالسًا. المعنى: أنه إذا كان في قيامه مشقة صلى قاعدًا، فإذا كان في قعوده مشقة صلى على جنبه، وإن كان على جنبه يشق عليه صلى مستلقيًا، وليس المراد بعدم الاستطاعة عدم القدرة البتة، فقد تكون له القدرة على الصلاة قائمًا لكن يشق عليه أو يتأخر البرء في الغالب من هذا المرض أو يزيد، فهذا غير مستطيع لأنه في هذه الحالة يشق عليه، فلهذا ينتقل من حال إلى حال، وهكذا في الحج كما أشرنا فهناك أشياء شرط للوجوب إذا استطاعها، وهناك ما يكون شرطًا للأداء، لا يكون واجبًا عليه أداءُ ذلك في هذه الحال بل يكون واجبًا باقيًا في ذمته، ففى حال الصوم إذا كان مريضًا أو مسافرًا لا يجب عليه الصوم في هذه الحال، بل إذا كان مسافرًا وشق عليه الصوم فإن له أن أن يفطر ويكون وجوب القضاء بعد ذلك، وكذلك الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم، إلى غير ذلك من رخص الشرع إذا تتبعتها وجدتها مقرونة بالاستطاعة، فلا واجب مع العجز نفىٌ لجنس الوجوب مع حال العجز، ولا حرام مع الضرورة، وهذه القاعدة ستأتي إن شاء الله أيضًا، وهي أن الضرورات تبيح المحظورات، فإذا أضطُر الإنسان إلى شيء فإنه لا يكون حرامًا عليه فإن أضطُر إلى الميتة جاز أكلها على تفصيل في أحكام الأكل منها "فلا واجب مع العجز ولا حرام مع الضرورة" فليس في هذه الحال أنه لا يوصف بالحرمة


= وأما الزيادة في قوله: "فإلَّم تستطع فمستلقيًا، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" فقد أخرجها النسائي في سننه بسند صحيح (٣/ ٦٩) كتاب الصلاة، باب صلاة المريض.

<<  <   >  >>