مسألة أخرى ذكرها العلماء في الأصول في باب السنة في باب الاقتداء بأفعاله، فموضوع الاقتداء بأفعاله - عليه الصلاة والسلام - طويل، وإن كان الأظهر عند كثير من أهل العلم أن الفعل إذا ظهر فيه وجه القربة كان محلًا للاقتداء، وإن لم يظهر فيه وجه القربة فلا بأس بالتأسى به - عليه الصلاة والسلام - من حيث الجملة، لكن الكلام في أنه يتبعه في أفعاله التي هي محض جبلة، والتي لا يظهر فيها وجه القربة، فهذه جمهور الصحابة رضي الله عنهم كما قلنا يقولون إنه لا يُشرع الاقتداء به في هذه الحال، وقد خالف ابنَ عمرَ - رضي الله عنهما - أبوه وقد ثبت عنه - رضي الله عنه - أنه كان في سفره فالتفت يومًا فرأى أناسًا يصلون تحت شجرة، فقال: ما هذا؟ قالوا: أناس يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى تحتها، فقال: أتريدون أن تتخذوا أثر نبيكم مسجدًا؟، أو كما قال - رضي الله عنه -، فأمر بقطعها سندًا للباب، وسدًا للذريعة التي قد تفضي إلى الغلو، ثم تفضي إلى الابتداع والشرك، فلهذا يكون الصواب مع من خالف ابن عمر - رضي الله عنه -.
فالسنة أن تفعل كما فعل على الوجه الذي فعل، هذا هو محل الاقتداء، معنى هذا حينما تصلى في هذا المكان لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - صلى فيه, ننظر هل صلى - عليه الصلاة والسلام - في هذا المكان قصدًا أم اتفاقًا؟ نقول: إنما صلى اتفاقًا، أي أنه جلس في هذا المكان وصلى فيه، وهكذا فأنت عندما تذهب إلى هذه الشجرة تصلى تحتها صليت قصدًا، والنبى - عليه الصلاة