للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام - لم يصل تحتها قصدًا، فأنت في الحقيقة فعلت الفعل. على غير الوجه الذي فعل، فلا تكون متّبعًا إذا صليت عندها، بل قد يكون وسيلة إلى شيء من الغلو يؤدي إلى الابتداع، ولهذا كان الصواب كما قلنا ما كان عليه جمهور الصحابة - رضي الله عنهم -، واتفق عليه العلماء بعد ذلك وأنه ليس محلًا للإتّساء في مثل هذه الأشياء.

فالأمور التعبدية لا يعقل معناها على التفصيل، وإن عُقلت على الإجمال، ولأجل هذا سُمى ما أمر به على جهة الوجوب أو الاستحباب عبادة لأجل هذا المعنى، فصلاة الظهر مثلًا نفعلها من جهة الإجمال، لكن لماذا أربعًا؟ لماذا إذا زالت الشمس؟. . الله أعلم، ولماذا تكون الظهر سرية، والمغرب جهرية؟، لا نعقلها، وهناك أنواع من العبادات لا تُعقل إجمالًا ولا تفصيلًا، كتقبيل الحجر الأسود، ولذلك قال عمر - رضي الله عنه - كما في الصحيحين عندما قبَّل الحجر: والله إني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت رسول الله يقبِّلك ما قبّلتك (١).

وكذلك الطواف والسعى لماذا على هذه الصفة؟. . الله أعلم، وإن كان في الجملة يُعقل من جهة أن هذه الأمور لإقامة ذكر الله كما في سنن أبى داود بإسناد صحيح أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: "إنما جعل الطواف بالبيت


(١) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الحج، باب: ما ذكر في الحجر الأسود (١/ ٤٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحج (٦٤/ ٤) كلاهما من حديث عمر رضي الله عنه به. . . ".

<<  <   >  >>