والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" (١). والغالب في الحج أن باب التعبد فيها أظهر.
وما معنى: الأمور التعبدية: أي إذا قيل هذا أمر تعبدّي؟
معناه: أننا لا نعقل حكمته، ليس المعنى أنه ليس في نفس الأمر حكمة، الله سبحانه وتعالى حكيم في أفعاله، فما يأمر به لحكمة، وما ينهى عنه لحكمة، لكن المراد أنه ليس هناك حكمة تُعقل، أما في نفس الأمر هناك حكم عظيمة قد تظهر بعد ذلك لأهل الإيمان.
يقول المصنف - رحمه الله -: "والأصل في العادات الإباحة، فلا يُحرّم منها إلا ما حرّمه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ".
هذا هو الأصل في العادات، فالأصل في المآكل والمشارب وأفعال الإنسان العادية كتنقله وما أشبه ذلك الأصل فيها الإباحة، فلا يقال هذا حرام إلا بدليل، عكس الأمور التعبدية، فما سوى الأمر التعبدية الأصل فيها الإباحة والحِلّ، ولا نقول لأي شيء أقدم عليه ما الدليل؟ لأن الأصل الإباحة، وألحَقَ كثير من أهل العلم في هذه مسألة الشروط والعقود في البيع والشراء، وقالوا: إن الأصل فيها
(١) أخرجه أبو داود في سننه في كتاب المناسك، باب: في الرمل (٤٤٧/ ٢)، وأحمد في مسنده (٦/ ٦٤) ضمن مسند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، والترمذي في سننه في كتاب المناسك، باب: كيف ترمى الجمار (٢/ ١٩٣) كُلُّهم من طريق عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم بن محمَّد عن عائشة رضي الله عنها. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.