بقول الله تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وقوله في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما ظهر عليهم المشركون في غزوة أحد (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) وقوله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
امتحن الله النجديين بتصدي الترك لعدواتهم وتأليب العرب وشرفاء الحجاز والمصريين عليهم لئلا يعيدوا ملك العرب وسلطانهم الذي سلبوه منهم, فحاربوهم باسم الإسلام, ونشروا الكتب والفتاوى في رميهم بالكفر والابتداع, وقد اغتر كثيرون بما فعلوه باسم الإسلام, وشايعهم عليه أفراد وجماعات هم دون الخوارج الذين خرجوا على الإمام أمير المؤمنين الخليفة الرابع للرسول - صلى الله عليه وسلم - وكفروه وتبرؤوا منه, ودون الذين بغوا عليه وحاربوه مع معاوية, نعم هم دونهم علماً بالدين وعملا به. بل كفرهم وقاتلهم أخلاط منهم المسلم والكافر والزنديق والمنافق, وعسكر لا يقيم الصلاة ولا يؤدي الزكاة ولا يحرم ما حرم الله ورسوله, من الخمر والزنا واللواط وأكل أموال الناس بالباطل والقتال لطاعة الرؤساء ولو في معصية الله تعالى.
بهذا كان علماؤهم وأمراؤهم في حال تشبه حال مسلمي الصدر الأول: في مقاومة المشركين الذين يدعون غير الله ويجعلون لله أنداداً كالذين جاهدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - , وفي مقارعة تاركي الصلاة ومانعي الزكاة كالذين قاتلهم أبو بكر الخليفة الأول رضي الله عنه, وفي مجالدة البغاة كالذين قاتلهم الخليفة الرابع علي رضي الله عنه,