(٢) قلت: لهذا الحديث علتان: الأولى: هشام بن عمار؛ فإنه - مع فضله وعلمه وصدقه - مختلف فيه، وقال الحافظ في "التقريب": "كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح". والأخرى: عنعنة أبي الزبير؛ فإنه مدلس باعترافه، وقال الحافظ: إنه كثير التدليس، فمن المصائب العلمية إهدار هذه العلة من بعض الكاتبين في هذا العلم، فقد قال المعلق هنا: "إسناده جيد، نعم أبو الزبير متهم بالتدليس، ولكن مسلمًا أَخرجَ له بالعنعنة"! فأقول: هذا استدراك عجيبٌ غريب، لا يصدر ممن درس أصول هذا العلم التي منها: "الجرح مقدم على التعديل" و: "من حفظ حجة على من لم يحفظ"، فلو فرض أن الإمام مسلمًا قال في أبي الزبير: إنه غير مدلس؛ لكان قوله مرجوحًا لما ذكرت، فكيف ولا شيء من ذلك عنه؟! نعم؛ روايته عنه تستلزم ذلك، فالجواب هو الجواب. ومن المؤسف حقًّا: أنني لاحظت أن المومى إليه قد طرّد العمل باستدراكه المذكور، فهو يُصحح أحاديث أبي الزبير المعنعنة عن جابر تقليدًا منه لابن حِبَّان، وإهدارًا للقواعد العلمية. انظر "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان (٣/ ١١٦).