للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقراء لهم الخيار إما أن يصدقوا أبا العلاء أو يصدقوا مؤلفي سيرته الماديين. ثم يزعم كلاهما أن أبا العلاء كان يخيب مقاصده وغاياته بمثل هذه الأبيات الإنكارية، يا سبحان الله! لعلهما قد شقا قلبه ولمساه بالبنان.

٢٧ - كلاهما يدعي (١) أن أبا العلاء تحول نباتيًّا Vegetarian فرفض أكل اللحوم بعد عودته من بغداد، ويعارض ذلك تصريح أبي العلاء نفسه فإنه يقول:

"لما بلغت الثلاثين من عمري صمت صوم الدهر وبدأت اقتصر في طعامي على النبات يعني تم ذلك في ٣٩٣ هـ قبل مغادرته لبغداد بخمس سنوات ونصف، مع أن عندنا شهادة قوية خارجية أيضًا وهي ما قاله ابن حجر أنه بقي في صنعاء سنة لا يأكل اللحم، معنى ذلك أنه بقي في صنعاء مدة سنة مجتنبًا أكل اللحم، وقد أجمعوا على أنه لم يفارق زاوية عزلته قط بعد عودته من بغداد فلا محالة أن رحلته إلى صنعاء كانت قبل عودته من بغداد، أما ما يزعمون أن أفكاره المتشابهة بالبرهمية، والجينية قد نشأت بعد عودته من بغداد، فهذا خطأ تعرض له معظم المترجمين له، ويمكن أنه قد تمسك بهذه النظريات بشدة بعد ما عاد من بغداد وقد وضع لحياته خطة عمل في المستقبل.

٢٨ - يزعمان (٢) أن أبا العلاء مرَّ في طريقه بحلب، ولكن المسافر نفسه لا يصدق ذلك فإنه يقول (٣): "ما نكبت حلب في الإبداء والانكفاء إلا إلخ، ومما يبعث على العجب أن يقول ذلك ناشر رسائله ومترجمها.

٢٩ - ورد في رسائله رقم ٨ "نبذة كنبذة فنيق النجوم" يعني عزلة كعزلة فحل النجوم، أخطأ فيه نكلسن ومرغليوث حيث ظنا عن خطأ أن "فنيق" نجم من النجوم (٤)، رغم أنه في الواقع اسم للفحل من الإبل، وبما أن "سهيلًا بمعزل عن جميع النجوم لذا يعبر عنه بالفنيق بطريق المجاز، ويشهد بذلك أحد الأبيات التي ذكرها أبو علي المرزوقي في كتاب الأزمنة وهو كما يلي:

شآمية إلا سهيلًا كأنه ... فنيق غدا عن شوله وهو حافر


(١) م ٣٦٠٣، الآداب ٣١٥.
(٢) م ١٢١، الأفكار ١٧٦.
(٣) الرسائل ص ٢٩.
(٤) ترجمة الرسائل ص ٤٣ الأفكار ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>