للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآن نتصدى لعرض خطأ من أخطاء مرغليوث يختص به وقد فاتنا ذكره فيما سبق.

٣٠ - يزعم (١): أن داعي الدعاة راسل أبا العلاء من مصر في شأن أكل اللحم، فهذا ليس بصحيح، لأن داعي الدعاة يقول (٢): "فلما رمت بي المرامي إلى الشام وسمعت أن الشيخ وفقه الله تعالى. . . . إلخ" إن هذه العبارة بكاملها لا تترك أيّ مجال للشك، وقلد صاحب "الذكرى" مرغليوث تقليدًا أعمى، راجعوا "ذكرى أبي العلاء" ص ٩٦.

وعجب على العجب أن ياقوت الحموي قد روى عن "فلك المعالي (٣) " أن بعض الناس يعدون الموت عدوانًا من الله وأبو العلاء منهم، ولذا سلط الله عليه داعي الدعاة فجرت بينهما مراسلات ودارت مناظرات مما أدى إلى أمر داعي الدعاة بأن يؤتى بأبي العلاء إلى حلب ويخير بين حياة يزينها الإسلام الصحيح وتذهب بأثقالها الثروة الموفورة أو قتل يريحه ويريح الدين من شره، فلما علم أبو العلاء ذلك شرب السم فمات حتف أنفه.

"فلك المعاني" تأليف لأبي يعلى بن الهبارية الذي يروي عنه ياقوت كثيرًا راجعوا "كشف الظنون" ونسخة خطية له موجودة في مكتبة "أيا صوفية قسطنطينية" راجعوا دفترها برقم ٤١٥٧ المطبوع بسنة ١٣١٤، وكان ابن الهبارية شاعرًا فحاشًا بذاءً لم يسلم من معرة لسانه ووصمة بنانه أحد من أعيان عصره (٤) فوقوع أبي العلاء فريسة هجائه لهو دليل على فضله وعلوه:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل

قد شرحنا ذلك في كتابنا ورفضنا هذا القول بقوة، أما القول بأن أبا العلاء شرب السم ومات فهو قول مرفوض لم يذكره مؤرخ، وابن الهبارية لا يوثق به فهذا القول أيضًا مرفوض.


(١) م ٣٩ ج، ر، ألف، س، رقم الحاشية ٣ ص ٣/ ٣، ١٩٠٢ م.
(٢) الأدباء.
(٣) الأدباء (١: ١٩٤).
(٤) راجع ابن خلكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>