للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك عمل صالح فأنت السعيد وإلَّا فاخْسَأْ وَرَاءَكَ! فأقول فأمْهلني ساعة حتَّى أُخْبِرَك بوزنِ عِزْرائيل وأُقيم الدليل على أن الهمزة فيه زائدة. فيقول الملك هيهاتَ! [٢] ليس الأمرُ إليَّ [الأعراف ٣٤]: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}. أم تُراني أُداري (١) مُنْكَرًا ونكيرا؟ فأقولَ كيف جاء اسماكُما عربيَّين [٣] منصرفين وأسماء الملائكة كلّها من الأعجميّة مثل إسرافيل وجبرائيل وميكائيل (٢). فيقولان هاتِ حُجَّتَكَ! وخَلِّ الزُخْرُفَ عنك. فأقولَ متقرِّبا إليهما كان ينبغي لكما أن تعرفا ما وزن جبرائيل وميكائيل علي اختلاف اللغات إذ كانا أخويكما في عبادة الله عز وجل. فلا يزيدهما ذلك إلَّا غيظًا. ولو علمتُ أنهما يرغَبان في مثل هذه العِلَل لأعددتُ لهما (٣) شيئًا كثيرًا من ذلك. ولقلت ما تَرَيان في وزن موسى (٤) اسم كليم الله [٤] الذي سألتماه عن دينه وحُجّته، فأبان وأوضَح. فإن قالا موسى أعجميّ إلَّا أنَّه يوافق من العربية على وزن مُفْعَل وفُعْلَى، أما مُفْعَل إذا كان من بنات الواو مثل أوْسَيتُ وأوريتُ فإنك تقول موسًى ومورًى. وإن كان من ذوات الهمزِ فإنك تخفِّفِ حتَّى تكون الواو خاليةً من مُفْعَل. تقول آنيتُ العَشاء فهو مُؤنَي وإن خفّفتَ قلتَ مُوْنَي قال الحُطيئةُ (٥):

وآنيتُ العشاءَ إلى سُهيل ... أو الشِعْرَى فطال بيَ الأناءُ (٦)


(١) وفي نسخة إذ أرى.
(٢) هذه أسماء من الأعجمية لم تكن العرب تعرفها ووردت في كثير من شعر الجاهلية انظر المعرب ١٤٣ و ٥٠ وغيرهما وأما هذه التعنتات التي عاناها أبو علي الفسوي في وزن أمثالها فليس الغرض منها إلَّا التمرين وشحذ الخاطر ليس إلَّا. ومن ظن أن منشأها عدم معرفتهم بغير العربية من اللغات وظن هذه الكلمات عربية فقد باعد ولم يصب الغرض. وهذا التبريزي ذكر (٤: ٣) اشتقاق موسى كما هنا ثم قال إنه تعريب موسى بالعبرانية وقال أبو العلاء نفسه على ما نقل عنه الجواليقي ١٣٥ لم أعلم أن في العرب من سمى موسى زمان الجاهلية وإنما حدث هذا في الإِسلام لما نزل القرآن وسمى المسلمون أبناءهم بأسماء الأنبياء على سبيل التبرك. فإذا سموا بموسى فإنما يعنون الاسم الأعجمي لا موسى الحديد وهو عندهم كعيسى اهـ وهذا نص على ما ذهبنا إليه- فتنبه له ولا تكن مع شعوبية العصر الحاضر في الغض من العرب والتنقص لهم. وموسى معناه بالعبرية المنتشل من الماء.
(٣) في نسخة "لهم".
(٤) راجع لاتمام البحث التبريزي مصر ٤: ٢ والمعرب للجواليقي ١٣٥ والتاج مادة موسى وشروح الشافية مبحث ذي الزيادة. مفعل على قول البصريين وفعلى على قول الكوفيين.
(٥) ديوان الحطيئة صنع السكري ٢٥.
(٦) هذه رواية أبي عمرو بن العلاء. ورواية ابن الأعرابي: بي العشاء. أي أخرت عشائي عندكم إلى آخر الليل. يهجو الزبرقان ورهطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>