للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا رحمك الله نحن نسألك أن تُعرّف بعض علمائنا الذين حصَلوا في الجَنّة بأنّا واقفون على الباب يزيد أن نخاطبه في أمر. فيقول رضوانُ من ثُؤْثِرون أن أُعْلِمَ بمكانكم من أهل العلم الذين غفر لهم. فيشتورون (١) طويلًا ثم يقولون عَرِّفْ بمَوْقِفِنا هذا الخليل بن أَحْمد الفُرْهُوديّ (٢) -فيرسل إليه رضوانُ بعض أصحابه- فيول على باب الجنّ قوم قد أكثروا القولَ وإنهم يريدون أن يخاطبوك. فيُشْرفُ عليهم الخليل فيقول أنا الذي سألتم عنه فماذا تريدون؟ فيَعْرِضون عليه مثل ما عرضوا على رضوانَ فيقول الخليل إن الله جلّت قدرته جعل في من يَسْكُن الجنة ممن يتكلّم بكلام العرب ناطقًا بأفصح اللغات كما نطق بها يَعْرُبُ بن قَحْطان أو مَعَدُّ بن عَدْنان، لا يدركهم الزَيعُ ولا الزَلَلُ. وإنما افتقر النَّاس في الدار الغَرّارة إلى علم اللغة والنحو, لأن العربية الأولى أصابها تغييرٌ. فأما الآن فقد رُفع عن أهل الجنة كلُّ الخطإ والوهم. فاذهبوا راشدين إِن شاء الله. فيذهبون وهم مُخْفقون (٣) مما طلبوه. ثم أعود إلي ما كنت متكلِّمًا فيه قبل ذكر الملائكة مَنْ أهْدَى البَريرةَ (٤) إلى نُعْمان، وأراقَ النُطْفةَ على الفرات، وشرح القضيَّةَ لأمير المُؤْمنين (٥) فقد أساءَ فيما فعل. ودَلّني كلامُه على أنَّه بحرٌ يستجيش مني ثَمَدًا. وجبلٌ يستضيف إلى صخور حَصىً. وغاضِيَةٌ (٦) من النيران تجتلِب إلى جمارِها سِقْطًا. وَحسْبُ تِهامةَ ما فيها من السَمُرِ (٧) وسؤال الشيخ مولاي كما قال الأول:

فهذِي سيوف يَا عَدِي بن مالك ... كثيرٌ ولكن أين بالسيف ضارب (٨)


(١) في نسخة فيتسارون.
(٢) الفرهود أو الفراهيد قبيلة ينسب إليها الخليل.
(٣) في نسخة محققون ما.
(٤) ثمر الأراك أو هو أول ما يبدو منه. ونعمان الأراك واد قال:
تخيرت من نعمان عود أراكة ... لهند فمن هذا يبلغه هندا
وقال الآخر:
أما والراقصات بذات عرق ... ومن صلى بنعمان الأراك
(٥) وهو الذي جرى فيه المثل "قضية ولا أَبا حسن لها" على ما سيأتي.
(٦) متوقدة.
(٧) السمر تكثر بتهامة.
(٨) أنشده ابن خالويه أَيضًا في ليس ص ٦٤ ولكن لم يعزه. وكثير يستوي فيه التذكير والتأنيث روي ابن شميل عن يونس رجال كثير ونساء كثير أيضًا كما في التاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>