للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا للرزيئةِ في أبي إسحاق ... ذهبَ الحِمام بأنفس الأعلاق

ذهبَ الحِمائم بخاشع متبتّل ... تبكي العيون عليهِ باستحقاق

ذهبَ الحمامُ ببدرِ تمّ لم يدَعْ ... منهُ الردى إلا هلال محاقِ

وَحوتْ جُنوبُ اللحد بحرًا زاخرًا ... تركَ البحار الخُضْرَ وهي سَواقِ

فاليوم أغْلقَ كلُّ فهم بابَه ... لمّا فقدنا فاتحَ الأغلاق

ما القيروان أذقت ثكلك وحدها ... قد ذاق ثُكلك سائر الآفاق

(٩٥)

وقال في الأنموذج (١) خرج أبو العباس ابن حُديدة القيروانيّ في جماعة من رفقائه طالبًا للتنزه فحلوا بروضة قد سفرت عن وجنات الشقيق وأطلعت في زبرجد الأرض الخضراء نجومًا من عقيق، والجو قد أفرط في تعبيسه ونثر لغيظه جميع ما كان من لؤلؤ القطر في كيسه. فقال ابن حديدة:

(أو ما ترى الغيث المعرِّس باكيا ... يذري الدموع على رياض شقيق)

(فكأن قطر دموعه من فوقها ... ذرّ تبدَّد في بساط عقيق)

قال وأنشدنيهما فأجزتهما بأن قلت:

فاجمع إلى شكليهما بزجاجة ... شكلين من حبب وصفو رحيق

فكأنما انتصرا لعبرة عاشق ... مهراقةٍ في وجنتي معشوق

وقال (٢):

نظرت إلى البستان أحسن منظر ... وقد حجب الأغصانُ شمسَ المشارق

به زوج رمّان يلوح كأنه ... قناديل تبر محكمات العلائق

(٩٦)

وقال في غلام معتمّ بعمامة حمراء (٣):


(١) بدائع البدائه ١: ١٢١ والبساط ٦٤.
(٢) نزهة الأنام في محاسن الشام ٢٠٠.
(٣) قال ابن خفاجة في ديوانه وخرجت يومًا بشاطبة إلى باب السمارين ابتغاء الفرجة على خرير ذلك الماء بتلك الساقية وذلك سنة ٤٨٠ هـ وإذا بالفقيه أبي عمران بن أبي تليد رحمه الله تعالى قد سبقني إلى ذلك=

<<  <  ج: ص:  >  >>