للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم كان فيها من كرام سادةٍ (١) ... بيض الوجوهِ شوامخِ الإيمان

متعاونين على الديانة والتقى ... لله في الإسرار والإعلان

ومهذَّبٍ جَمّ الفضائل باذلٍ ... لنواله ولعرْضه صَوَّان

وأئمةٍ جَمعوا العلوم وهذَّبوا ... سُنن الحديث ومُشكل القرآن

عُلماءَ أن ساءلتهم كشفوا العَمى ... بفقاهةٍ وفصاحةٍ وبيان

وإذا الأُمور استَبْهمت واستَغْلقتِ ... أبوابها وتَنازعَ الخصمان

حَلوا غوامضَ كلّ أمر مشكل ... بدليل حقّ واضح البرهان

هجروا المضاجع قانتين لربهم ... طلبًا لخيرِ معرَّس ومَعان (٢)

وإذا دجا الليل البهيمُ رأَيتهم ... متبتّلين تبتّلَ الرهْبان

في جنة الفردوس أكرم منزلٍ ... بين الحِسان الحُوْر والغلمان

تجروا بها الفردوس من أرباحهم ... نعم التجارةُ طاعةُ الرحمان

المتّقين الله حقَّ تُقاته ... والعارفينَ مكايدَ الشيطان

وترَى جبابرَة الملوك لديهم ... خُضُعَ الرقاب نواكس الأذقان

لا يستطيعون الكلامَ مهابَةً ... إلا إشارةَ أعين وبنان

خافوا الآله فخافهم كلُّ الورى ... حتى ضِراءُ الأسد في الغيران

تُنسيكَ هَيبَتُهم شماخةَ كلّ ذي ... مُلكٍ وهيبةَ كلّ ذي سلطان

أحلامُهم تَزِنُ الجبال وفضلهم ... كالشمس لا تخفى بكلّ مكان

كانت تعدّ القيروانُ بهم إذا ... عُدَّ المنابر زَهْرةَ البلدان

وزهت على مصر وحُقَّ لها كما ... تزهو بهم (٣) وغدت على بغدان

حَسُنت فلما إذ تكاملَ حسنها ... وسما إليها كلُّ طَرْف رانٍ


= تضاهي قصيدة الشريف الرندي وصاحبنا أقدم منه، وأولها:
لكل شيء إذا ما تم نقصان ... فلا يغر بطيب العيش إنسان
ثم أن شمس الدين الكوفي الواعظ عارض نونية صاحبنا بنونية مثلها يذكر فيها خراب بغداد وأولها:
إن لم تفرح أدمعي أجفاني ... من بعد بعدكم فما أجفاني
انظرها في فوات الوفيات ١: ٢٣٨ - وهذا مما يدل على جودة شعر صاحبنا وطيران صيته.
(١) كان في الأصل "وسادة".
(٢) المنزل من "م ع ن".
(٣) كذا؟ وبغدان لغة في بغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>