للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذنبه ليُعْلمَ ذلك من قِبَله والدليل عليه قوله (٥٥: ٤١) {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} وقوله (٣٧: ٢٤) {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} يقول موبَّخون كما يقول المُعَاقِب للمعاقَب ألستَ الفاعلَ كذا أتذكر يوم كذا ما فعلتَ كذا ليس ليُعْلَمَ ذلك من قِبَله ولكن لتوبيخه بما فعل وقد يقال لغير صاحب الذنب احتجاجًا على الذنب وتوبيخًا له: أما قال لك هذا ذنب وذنب، أما تعرف من هذا مثل ما أعرف، أأنت قلت لهذا ما ذكره عنك. على علم السائل أنه لم يَقُل، كقوله تعالى (٥: ١١٦) {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} الآية ليوبّخ بذلك من (١) حكاه عنه فمجاز يقع (٢) من هذا تقريرًا لا استفهامًا في مدح أو ذمّ مجاز قال جرير (٣):

ألستم خيرَ من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطونَ راح وكقول كُثَيِّر:

أليس أبي بالنَضْر أم ليس [والدي] ... لكل نجيب من قُضاعة أزهر (٤)

وقال الله تعالى (٣٩: ٣٦) {أَلَيسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (٢٩: ٦٨) {أَلَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}.

وقوله (٤: ٨٠) {إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} إلى قو [له "قُلْ] قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي يأتي هذا إذا شاء وهذا إذا شاء ثم قال (٤: ٧٩) {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} تفضُّلًا {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} أي مجازاةً بما


= يؤذن لهم في الكلام فيتكلمون فذلك قوله: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} الآية فإذا أذن لهم في الكلام فتكلموا واختصموا فذلك قول {ثُمَّ إِنَّكُمْ} الآية عند الحساب وإعطاء المظالم ثم يقال لهم بعد ذلك لا تختصموا لديَّ وقد قدّمت إليكم بالوعيد يعني في الدنيا فإن العذاب مع هذا القول كائن إلى آخر ما أورده من مثله من الآيات التي أثبتوا فيها التناقض وما أجاب به عنه.
(١) في الأصل ممن.
(٢) كذا ولعل صوابه فمجاز ما يقع ... مجاز قول جرير.
(٣) ديوانه ١: ٣٦ وشرح شواهد المغني ١٥.
(٤) البيث أنشده سيبويه ١: ٤٨٥ وروايته أزهرا. وكان بدل والدي في الأصل "الدى" بمحو يسير وهي ثلاثة أبيات في السيرة (١ ص ٦١ طبع ألمانيا وبهامش الروض ١: ٢٧١) وفيها:
أليس أي بالصلت أم ليس إخوتي ... لكل هجان من بني النضر أزهرا
ورَويُّ الأبيات الثلاثة منصوب. وعند أبي ذرّ الخُشي في املائه على السيرة "أم ليس أسرتي". والصلت هو ابن النضر. والبيت في الخزانة (٢: ٣٨١) وفي الأغاني الثانية (٨: ٢٩) أربعة أبيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>